المعاجم

أَوَيْتُ مَنْزلي وإِلى منزلي أُوِيّاً وإِوِيّاً وأَوَّيْتُ وتأَوَّيْتُ وأْتَوَيْتُ، كله: عُدْتُ؛ قال لبيد: بصَبُوحِ صافِيةٍ وجَدْتُ كرِينَةً بِمُوَتَّرٍ تَأْتَى له إِبْهامُها إِنما أَراد تَأْتَوِي له أَي تفتعل من أَوَيتُ إِليه أَي عُدْتُ، إِلا أَنه قلب الواو أَلفاً وحذفت الياء التي هي لام الفعل؛ وقول أَبي كبير: وعُراضةُ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ بَرْيُها، تَأْوِي طَوائفُها لعَجسٍ عَبْهَرِ استعارَ الأُوِيّ للقِسِيّ، وإِنما ذلك للحيوان. وأَوَيْتُ الرجل إِليَّ وآوَيْتُه، فأَما أَبو عبيد فقال أَوَيْته وآوَيْتُه، وأَوَيْتُ إِلى فلان، مقصورٌ لا غير. الأَزهري: تقول العرب أَوَى فلانٌ إِلى منزله يَأْوِي أُوِيّاً، على فُعول، وإِواءً؛ ومنه قوله تعالى: قال سآوي إِلى جبل يعصمني من الماء. وآوَيْتُه أَنا إِيواءً، هذا الكلام الجيد. قال: ومن العرب من يقول أَوَيْتُ فلاناً إِذا أَنزلته بك. وأَويْتُ الإِبل: بمعنى آوَيْتُها. أَو عبيد: يقال أَوَيْتُه، بالقصر، على فَعَلْته، وآوَيْتُه، بالمد، على أَفْعَلْته بمعنى واحد، وأَنكر أَبو الهيثم أَن تقول أَوَيْتُ، بقصر الأَلف، بمعنى آوَيْتُ، قال: ويقال أَوَيْتُ فلاناً بمعنى أَوَيْتُ إِليه. قال أَبو منصور: ولم يعرف أَبو الهيثم، رحمه الله، هذه اللغة، قال: وهي صحيحة، قال: وسمعت أَعرابيّاً فصيحاً من بني نُمَير كان استُرْعِيَ إِبلاً جُرْباً، فلما أَراحَها مَلَثَ الظَّلامِ نَحَّاها عن مَأْوَى الإِبلِ الصِّحاحِ ونادَى عريفَ الحيّ فقال: أَلا أَيْنَ آوِى هذه الإِبلَ المُوَقَّسَة؟ ولم يقل أُووِي. وفي حديث البَيْعة أَنه قال للأَنصار: أُبايعكم على أَن تُؤْوُوني وتنصروني أَي تضموني إِليكم وتَحُوطوني بينكم. يقال: أَوَى وآوَى بمعنى واحد، والمقصور منهما لازم ومتعدّ؛ ومنه قوله: لا قَطْع في ثَمَرٍ حتى يَأْوِيَهُ الجَرِينُ أَى يَضُمه البَيْدَرُ ويجمعه. وروى الرواةُ عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا يَأْوِي الضالةَ إِلا ضالٌّ؛ قال الأَزهري: هكذا رواه فصحاء المحدّثين بالياء، قال: وهو عندي صحيح لا ارتياب فيه كما رواه أَبو عبيد عن أَصحابه؛ قال ابن الأَثير: هذا كله من أَوَى يَأْوي. يقال: أَوَيْتُ إِلى المنزل وأَوَيْتُ غيري وآويْتُه، وأَنكر بعضهم المقصور المتعدّي، وقال الأَزهري: هي لغة فصيحة؛ ومن المقصور اللازم الحديثُ الآخر: أَما أَحدُهم فأَوَى إِلى الله أَي رجع إِليه، ومن الممدود حديثُ الدعاء: الحمد لله الذي كفانا وآوانا؛ أَي ردَّنا إِلى مأْوىً لنا ولم يجعلنا منتشرين كالبهائم، والمأْوَى: المنزلُ: وقال الأَزهري: سمعت الفصيحَ من بني كلاب يقول لمأْوَى الإِبلِ مَأْواة، بالهاء. الجوهري: مَأْوِي الإِبل، بكسر الواو، لغة في مَأْوَى الإِبل خاصة، وهو شاذ، وقد ذكر في مأْقي العين. وقال الفراء: ذكر لي أَنَّ بعض العرب يسمي مأْوَى الإِبل مأْوِي، بكسر الواو، قال: وهو نادر، لم يجئ في ذوات الياء والواو مَفْعِلٌ، بكسر العين، إِلا حرفين: مَأْقي العين، ومأْوِي الإِبل، وهما نادران، واللغة العالية فيهما مأْوى ومُوق وماقٌ، ويُجْمَع الآوي مثل العاوي أُوِيّاً بوزن عُوِيّاً؛ ومنه قول العجاج:فَخَفَّ والجَنادِلُ الثُّوِيُّ، كما يُداني الحِدَأُ الأُوِيُّ شبه الأَثافي واجتماعَها بحدإِ انضمت بعضها إلى بعض. وقوله عز وجل: عندها جنة المأْوى؛ جاء في التفسير: أَنها جنة تصير إِليها أَرواح الشهداء. وأَوَّيْتُ الرجلَ كآوَيْته؛ قال الهذلي: قد حالَ دونَ دَريسَيْهِ مُؤَوِّيةٌ مِسْعٌ، لها بِعضاهِ الأَرضِ تَهْزيزُ قال ابن سيده: هكذا رواه يعقوب، والصحيح مؤوِّبةٌ، وقد روى يعقوب مؤوّبة أَيضاً ثم قال: إِنها رواية أُخرى. والمَأْوى والمَأْواة: المكانُ، وهو المأْوِي. قال الجوهري: المَأْوَى كل مكان يأْوي إِليه شيء ليلاً أَو نهاراً. وجنة المأْوى: قيل جَنَّةُ المَبيت. وتَأَوَّت الطير تَأَوِّياً: تَجَمَّعَتْ بعضُها إِلى بعض، فهي مُتَأَوِّيَة ومُتَأَوِّياتٌ. قال أَبو منصور: ويجوز تَآوَتْ بوزن تَعاوَتْ على تَفاعَلَتْ. قال الجوهري: وهُنَّ أُوِيٌّ جمع آوٍ مثل باكٍ وبُكِيٍّ، واستعمله الحرثُ بن حِلِّزة في غير الطير فقال: فتَأَوَّتْ له قَراضِبةٌ من كلِّ حَيٍّ، كأَنَّهم أَلْقاءُ وطير أُوِيٌّ: مُتَأَوِّياتٌ كأَنه على حذف الزائد. قال أَبو منصور: وقرأْت في نوادر الأَعراب تَأَوَّى الجُرْحُ وأَوَى وتَآوَى وآوَى إِذا تقارب للبرء. التهذيب: وروى ابن شميل عن العرب أَوَّيتُ بالخيل تَأْوِيَةً إِذا دعوتها آوُوه لتَريعَ إِلى صَوْتِك؛ ومنه قول الشاعر: في حاضِر لَجِبٍ قاسٍ صَواهِلُهُ، يقال للخيل في أَسْلافِه: آوُو قال أَبو منصور: وهو معروف من دعاء العرب خيلها، قال: وكنت في البادية مع غلام عربي يوماً من الأَيام في خيل نُنَدِّيها على الماء، وهي مُهَجِّرة تَرْوُدُ في جَناب الحِلَّة، فهبت ريح ذات إِعْصار وجَفَلَتِ الخيلُ وركبت رؤوسَها، فنادى رجل من بني مُضَرّس الغلام الذي كان معي وقال له: أَلا وأَهِبْ بها ثم أَوِّ بها تَرِعْ إِلى صوتك، فرفع الغلام صوته وقال: هابْ هابْ، ثم قال: آوْ فراعَتِ الخيلُ إِلى صوته؛ ومن هذا قول عدي بن الرِّقاع يصف الخيل: هُنَّ عُجْمٌ، وقد عَلِمْنَ من القَوْ لِ: هَبي واقْدُمي وآوُو وقومي ويقال للخيل: هَبي وهابي واقْدُمي واقْدمي، كلها لغات، وربما قيل لها من بعيد: آيْ، بمدة طويلة. يقال: أَوَّيْتُ بها فتأَوَّتْ تَأَوِّياً إِذا انضم بعضُها إِلى بعض كما يَتَأَوَّى الناسُ؛ وأَنشد بيت ابن حلِّزة: فتأَوَّت له قراضبة من كل حيٍّ، كأَنهم أَلقاءُ وإِذا أَمرتَ من أَوَى يأْوِي قلت: ائْوِ إِلى فلان أَي انضمَّ إِليه، وأَوِّ لفلان أَي ارْحمه، والافتعالُ منهما ائْتَوَى يأْتَوِي. وأَوى إِليه أَوْيَةً وأَيَّةً ومأْوِيَةً ومأْواةً: رَقَّ ورَثى له؛ قال زهير: بانَ الخَلِيطُ ولم يَأْوُوا لمنْ تَرَكُوا (* عجز البيت: وزودوك اشتياقاً أية سلكوا). وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يُخَوِّي في سجوده حتى كنا نأْوي له؛ قال أَبو منصور: معنى قوله كنا نَأْوي له بمنزلة قولك كنا نَرْثي له ونُشْفِقُ عليه من شدَّة إِقلاله بَطْنَه عن الأَرض ومَدِّه ضَبُعَيْه عن جَنْبَيه. وفي حديث آخر: كان يصلي حتى كنتُ آوي له أَي أَرِقُّ له وأَرثي. وفي حديث المغيرة: لا تَأْوي من قلَّة أَي لا تَرْحَمُ زوجها ولا تَرِقُّ له عند الإِعدام؛ وقوله: أَراني، ولا كُفْرانَ لله، أَيَّةً لنَفْسِي، لقد طالَبْتُ غيرَ مُنِيلِ فإِنه أَراد أَوَيْتُ لنفسي أَيَّةً أَي رحمتها ورَقَقْتُ لها؛ وهو اعتراض وقولُه: ولا كفران لله، وقال غيره: لا كفران لله، قال أَي غير مُقْلَق من الفَزَع، أَراد لا أَكفر لله أَيَّةً لنفسي، نصبه لأَنه مفعول له.قال الجوهري: أَوَيْت لفلان أَوْيَةً وأَيَّةً، تقلب الواو ياء لسكون ما قبلها وتدغم؛ قال ابن بري: صوابه لاجتماعها مع الياء وسبقها بالسكون. واسْتَأْوَيْنُه أَي اسْتَرحمته استِيواءً؛ قال ذو الرمة: على أَمْرِِ من لم يُشْوِني ضُرُّ أَمْرِه، ولو أَنِّيَ اسْتَأْوَيْتُه ما أَوى ليا وأَما حديث وهب: إِن الله عز وجل قال إِني أَوَيْتُ على نفسي أَن أَذْكُرَ من ذكرني، قال ابن الأَثير: قال القتيبي هذا غلط إِلا أَن يكون من المقلوب، والصحيح وأَيْتُ على نفسي من الوَأْي الوَعْدِ، يقول: جعلته وَعْداً على نفسي. وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة حديث الرؤيا: فاسْتَأَى لها؛ قال: بوزن اسْتَقى، ورُوي: فاسْتاء لها، بوزن اسْتاق، قال: وكلاهما من المَساءَة أَي ساءَتْه، وهو مذكور في ترجمة سوأَ؛ وقال بعضهم: هو اسْتالَها بوزن اخْتارَها فجعل اللام من الأَصل، أَخذه من التأْويل أَي طَلَبَ تأْويلَها، قال: والصحيح الأعول. أَبو عمرو: الأُوَّة الداهية، بضم الهمزة وتشديد الواو. قال: ويقال ما هي إِلا أُوَّةٌ من الأُوَوِ يا فتى أَي داهيةٌ من الدواهي؛ قال: وهذا من أَغرب ما جاء عنهم حتى جعلوا الواو كالحرف الصحيح في موضع الإِعراب فقالوا الأُوَوُ، بالواو الصحيحة، قال: والقياس في ذلك الأُوَى مثال قُوّة وقُوىً، ولكن حكي هذا الحرف محفوظاً عن العرب. قال المازني: آوَّةٌ من الفعل فاعلةٌ، قال: وأَصله آوِوَةٌ فأُدغمت الواو في الواو وشُدّت، وقال أَبو حاتم: هو من الفعل فَعْلةٌ بمعنى أَوَّة، زيدت هذه الأَلف كما قالوا ضَربَ حاقَّ رأْسه، فزادوا هذه الأَلف؛ وليس آوَّه بمنزلة قول الشاعر: تأَوَّه آهةَ الرجلِ الحَزينِ لأَن الهاء في آوَّه زائدة وفي تأَوَّه أَصلية، أَلا ترى أَنهم يقولون آوّتا، فيقلبون الهاء تاء؟ قال أَبو حاتم: وقوم من الأَعراب يقولون آوُوه، بوزن عاوُوه، وهو من الفعل فاعُولٌ، والهاء فيه أَصلية. ابن سيده: أَوَّ لَهُ كقولك أَوْلى له، ويقال له أَوِّ من كذا، على معنى التحزن، على مثال قَوِّ، وهو من مضاعف الواو؛ قال: فأَوِّ لِذِكراها، إِذا ما ذَكَرْتُها، ومن بُعْدِ أَرضٍ دُونَنا وسماء قال الفراء: أَنشدنيه ابن الجراح: فأَوْه مِن الذِّكْرَى إِذا ما ذكرتُها قال: ويجوز في الكلام من قال أَوْهِ، مقصوراً، أَن يقول في يَتَفَعَّل يَتأَوَّى ولا يقولها بالهاء. وقال أَبو طالب: قول العامة آوَّهْ، ممدود، خطأٌ إِنما هو أَوَّهْ من كذا وأَوْهِ منه، بقصر الأَلف. الأَزهري: إِذا قال الرجل أَوَّهْ من كذا رَدّ عليه الآخرُ عليك أَوْهَتُك، وقيل: أَوَّه فعلة، هاؤها للتأْنيث لأَنهم يقولون سمعت أَوَّتَك فيجعلونها تاء؛ وكذلك قال الليث أَوَّهْ بمنزلة فعلة أَوَّةً لك. وقال أَبو زيد: يقال أَوْهِ على زيد، كسروا الهاء وبينوها. وقالوا: أَوَّتا عليك، بالتاء، وهو التهلف على الشيء، عزيزاً كان أَو هيناً. قال النحويون: إِذا جعلت أَوّاً اسماً ثقلتَ واوها فقلت أَوٌّ حَسَنَةٌ، وتقول دَعِ الأَوَّ جانباً، تقول ذلك لمن يستعمل في كلامه افْعَلْ كذا أَو كذا، وكذلك تثقل لَوّاً إِذا جعلته اسماً؛ وقال أَبو زُبَيْدٍ: إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ لَوّاً عَناءُ وقول العرب: أَوِّ من كذا، بواو ثقيلة، هو بمعنى تَشَكِّي مشقَّةٍ أَو همٍّ أَو حزن. وأَوْ: حرف عطف. وأَو: تكون للشك والتخيير، وتكون اختياراً. قال الجوهري: أَو حرف إِذا دخل الخبر دلَّ على الشك والإِبهام، وإِذا دخل الأَمر والنهي دل على التخيير والإباحة، فأَما الشك فقولك: رأَيت زيداً أَو عمراً، والإِبهام كقوله تعالى: وأَنا أَو إِياكم لعلى هدى أَو في ضلال مبين؛ والتخيير كقولك: كل السمك أَو اشرب اللبن أَي لا تجمع بينهما، والإِباحة كقولك: جالس الحسن أَو ابن سيرين، وقد تكون بمعنى إِلى أَن، تقول: لأَضربنه أَو يتوبَ، وتكون بمعنى بل في توسع الكلام؛ قال ذو الرمة: بَدَتْ مثل قَرْنِ الشمسِ في رَوْنَقِ الضُّحَى وصُورَتِها، أَو أَنتِ في العَينِ أَمْلَحُ يريد: بل أَنت. وقوله تعالى: وأَرسلناه إِلى مائة أَلف أَو يزيدون؛ قال ثعلب: قال الفراء بل يزيدون، قال: كذلك جاء في التفسير مع صحته في العربية، وقيل: معناه إِلى مائة أَلف عند الناس أَو يزيدون عند الناس، وقيل: أَو يزيدون عندكم فيجعل معناها للمخاطبين أَي هم أَصحاب شارَةٍ وزِيٍّ وجمال رائع، فإِذا رآهم الناس قالوا هؤلاء مائتا أَلف. وقال أَبو العباس المبرد: إِلى مائة أَلف فهم فَرْضُه الذي عليه أَن يؤَدّبه؛ وقوله أَو يزيدون، يقول: فإِن زادوا بالأَولاد قبل أَن يُسْلموا فادْعُ الأَولاد أَيضاً فيكون دعاؤك للأَولاد نافلة لك لا يكون فرضاً؛ قال ابن بري: أَو في قوله أَو يزيدون للإِبهام، على حدّ قول الشاعر: وهَلْ أَنا إِلاَّ من ربيعةَ أَو مُضَرْ وقيل: معناه وأَرسلناه إِلى جمع لو رأَيتموهم لقلتم هم مائة أَلف أَو يزيدون، فهذا الك إِنما دخل الكلام على حكاية قول المخلوقين لأن الخالق جل جلاله لا يعترضه الشك في شيء من خبره، وهذا أَلطف مما يُقَدَّرُ فيه. وقال أَبو زيد في قوله أَو يزيدون: إِنما هي ويزيدون، وكذلك قال في قوله تعالى: أَصلواتك تأْمرك أَن نترك ما يعبد آباؤنا أَو أَن نفعل في أَموالنا ما نشاء؛ قال: تقديره وأَن نفعل. قال أَبو منصور: وأَما قول الله تعالى في آية الطهارة: وإِن كنتم مَرْضى أَو على سفر أَو جاء أَحدٌ منكم من الغائط أَو لمستم النساء (الآية) أَما الأَول في قوله: أَو على سفر، فهو تخيير، وأَما قوله: أَو جاء أَحد منكم من الغائط، فهو بمعنى الواو التي تسمى حالاً؛ المعنى: وجاء أَحد منكم من الغائط أَي في هذه الحالة، ولا يجوز أَن يكون تخييراً، وأَما قوله: أَو لمستم النساء، فهي معطوفة على ما قبلها بمعناها؛ وأَما قول الله عز وجل: ولا تُطِعْ منهم آثماً أَو كفوراً؛ فإِن الزجاج قال: أَو ههنا أَوكد من الواو، لأَن الواو إِذا قلتَ لا تطع زيداً وعمراً فأَطاع أَحدهما كان غير عاص، لأَنه أَمره أَن لا يطيع الاثنين، فإِذا قال: ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً، فأَوْ قد دلت على أَنّ كل واحد منهما أَهل أَن يُعْصَى. وتكون بمعنى حتى، تقول: لأَضربنك أَو تقومَ، وبمعنى إِلاَّ أَنْ، تقول: لأَضربنَّك أَو تَسْبقَني أَي إِلا أَن تسبقني. وقال الفراء: أَو إِذا كانت بمعنى حتى فهو كما تقول لا أَزالُ ملازمك أَو تعطيني (* لعل هنا سقطاً من الناسخ، وأصله: معناه حتى تعطيني والا إلخ). وإِلا أَن تعطيني؛ ومنه قوله عز وجل: ليس لك من الأَمر شيء أَو يتوب عليهم أَو يعذبهم؛ معناه حتى يتوب عليهم وإِلا أَن يتوب عليهم؛ ومنه قول امرئ القيس: يُحاوِلُ مُلْكاً أَو يَموتَ فيُعْذَرا معناه: إِلا أَن يموت. قال: وأَما الشك فهو كقولك خرج زيد أَو عمرو، وتكون بمعنى الواو؛ قال الكسائي وحده: وتكون شرطاً؛ أَنشد أَبو زيد فيمن جعلها بمعنى الواو: وقَدْ زَعَمَتْ ليلى بأَنِّيَ فاجِرٌ؛ لِنَفْسِي تُقاها أَو عَليها فُجُورُها معناه: وعليها فجورها؛ وأَنشد الفراء: إِِنَّ بها أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا، خُوَيْرِبانِ يَنقُفَان الْهامَا (* قوله «خويربان» هكذا بالأصل هنا مرفوعاً بالالف كالتكملة وأنشده في غير موضع كالصحاح خويربين بالياء وهو المشهور). وقال محمد بن يزيد: أَو من حروف العطف ولها ثلاثة معان: تكون لأَحد أَمرين عند شك المتكلم أَو قصده أَحدهما، وذلك كقولك أَتيت زيداً أَو عمراً، وجاءني رجل أَو امرأَة، فهذا شك، وأَما إِذا قصد أَحدهما فكقولك كُلِ السمَكَ أَو اشربِ اللبنَ أَي لا تجمعها ولكن اخْتَر أَيَّهما شئت، وأَعطني ديناراً أَو اكْسُني ثوباً، وتكون بمعنى الإِباحة كقولك: ائْتِ المسجد أَو السوق أَي قد أَذنت لك في هذا الضرب من الناس (* قوله «ائت المسجد أو السوق أي قد أذنت لك في هذا الضرب من الناس» هكذا في الأصل)، فإِن نهيته عن هذا قلت: لا تجالس زيداً أَو عمراً أَي لا تجالس هذا الضرب من الناس، وعلى هذا قوله تعالى: ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً؛ أَي لا تطع أَحداً منهما، فافهمه. وقال الفراء في قوله عز وجل: أَوَلم يروا، أَوَلم يأْتهم؛ إِنها واو مفردة دخلت عليها أَلف الاستفهام كما دخلت على الفاء وثم ولا. وقال أَبو زيد: يقال إِنه لفلان أَو ما تنحد فرطه ولآتِينك أَو ما تنحد فرطه (* قوله «أو ما تنحد فرطه إلخ» كذا بالأصل بدون نقط). أَي لآتينك حقّاً، وهو توكيد. وابنُ آوَى: معرفةٌ، دُوَيبَّةٌ، ولا يُفْصَلُ آوَى من ابن. الجوهري: ابن آوَى يسمى بالفارسية شغال، والجمع بناتُ آوَى، وآوى لا ينصرف لأَنه أَفعل وهو معرفة. التهذيب: الواوا صياح العِلَّوْض، وهو ابن آوى، إِذا جاع. قال الليث: ابن آوى لا يصرف على حال ويحمل على أَفْعَلَ مثل أَفْعَى ونحوها، ويقال في جمعه بنات آوى، كما يقال بناتُ نَعْش وبناتُ أَوْبَرَ، وكذلك يقال بناتُ لَبُون في جمع ابن لبون ذَكَرٍ. وقال أَبو الهيثم: إِنما قيل في الجمع بنات لتأْنيث الجماعة كما يقال للفرس إِنه من بنات أَعْوَجَ، والجمل إِنه من بنات داعِرٍ، ولذلك قالوا رأَيت جمالاً يَتَهادَرْنَ وبنات لبون يَتَوَقَّصْنَ وبناتِ آوى يَعْوينَ كما يقال للنساء، وإِن كانت هذه الأَشياء ذكوراً.
الواو: من حروف المُعْجم، وَوَوٌ حرفُ هجاء (* قوله « ووو حرف هجاء» ليست الواو للعطف كما زعم المجد بل لغة أَيضاً فيقال ووو ويقال واو، انظر شرح القاموس.) واوٌ: حرف هجاء، وهي مؤلفة من واو وياء وواو، وهي حرف مهجور يكون أَصلاً وبدلاً وزائداً، فالأَصل نحو وَرَلٍ وسَوْطٍ ودَلْوٍ، وتبدل من ثلاثة أَحرف وهي الهمزة والأَلف والياء، فأَما إبدالها من الهمزة فعلى ثلاثة أَضرب: أَحدها أَن تكون الهمزة أَصلاً، والآخر أَن تكون بدلاً، والآخر أَن تكون زائداً، أَمَّا إبدالها منها وهي أَصل فأَن تكون الهمزة مفتوحة وقبلها ضمة، فمتى آثرت تخفيف الهمزة قلبتها واواً، وذلك نحو قولك في جُؤَنٍ جُوَن، وفي تخفيف هو يَضْرِبُ أَباكَ يَضْرِبُ وَباك، فالواو هنا مُخَلَّصةٌ وليس فيها شيء من بقية الهمزة المُبْدَلِة، فقولهم في يَمْلِكُ أَحَدَ عَشَرَ هو يَمْلِكُ وَحَدَ عَشَرَ، وفي يَضْرِبُ أَباهُ يَضْرِبُ وَباه، وذلك أَن الهمزة في أَحدَ وأَباهُ بدل من واو، وقد أُبْدِلت الواو من همزة التأْنيث المُبْدَلة من الأَلف في نحو حَمْراوانِ وَصَحْراواتٍ وصَفْراوِيٍّ، وأَما إبدالُها من الهمزة الزائدة فقولك في تخفيف هذا غلامُ أَحْمَدَ: هذا غلامُ وَحْمَدَ، وهو مُكْرِمُ أَصْرَمَ: هو مُكْرِمُ وَصْرَمَ، وأَما إبدال الواو من الأَلف أَصليةً فقولك في تثنية إلى وَلَدَى وإذا أَسماء رجال: إلَوانِ ولَدَوانِ وإذَ وانِ؛ وتحقيرها وُوَيَّةٌ. ويقال: واو مُوَأْوَأَةٌ، وهمزوها كراهَةَ اتِّصالِ الواواتِ والياءَات، وقد قالوا مُواواةٌ، قال: هذا قول صاحب العين، وقد خرجت واوٌ بدليل التصريف إلى أَنَّ في الكلام مثل وَعَوْتُ الذي نفاه سيبويه، لأن أَلف واو لا تكون إلا منقلبةً كما أَنّ كل أَلف على هذه الصُّورة لا تكون إلا كذلك، وإذا كانت مُنْقَلِبة فلا تخلو من أَن تكون عن الواو أَو عن الياء إذ لولا همزها فلا تكون (*قوله «إذ لولا همزها فلا تكون إلخ» كذا بالأصل ورمز له في هامشه بعلامة وقفة.) عن الواو، لأنه إن كان كذلك كانت حروف الكلمة واحدة ولا نعلم ذلك في الكلام البتة إلا بَبَّة وما عُرِّب كالكَكّ، فإذا بَطلَ انْقِلابها عن الواو ثبت أَنه عن الياء فخرج إلى باب وعَوْت على الشذوذ. وحكى ثعلب: وَوَّيْت واواً حَسَنة عَمِلتها، فإِن صح هذا جاز أَن تكون الكلمة من واو وواو وياء، وجاز أَن تكون من واو وواو وواو، فكان الحكم على هذا وَوَّوْتُ، غير أَن مُجاوزةَ الثلاثة قلبت الواوَ الأَخيرة ياء وحملها أَبو الحسن الأَخفش على أَنها مُنْقَلِبةٌ من واو، واستدلَّ على ذلك بتفخيم العرب إِيَّاها وأَنه لم تُسْمَع الإِمالةُ فيها، فقَضَى لذلك بأَنها من الواو وجعل حروف الكلمة كلها واوات، قال ابن جني: ورأَيت أَبا علي يُنكر هذا القول ويَذْهب إلى أَنَّ الأَلف فيها منقلبة عن ياء، واعتمد ذلك على أَنه إن جَعَلَها من الواو كانت العين والفاء واللامُ كلها لفظاً واحداً؛ قال أَبو علي: وهو غير موجود؛ قال ابن جني: فعدل إلى القَضاء بأَنها من الياء، قال: ولست أَرَى بما أَنْكَره أَبو عليّ على أَبي الحسن بأْساً، وذلك أَنَّ أَبا عليّ، وإن كان كره ذلك لئلا تَصِيرَ حُروفُه كلُّها واواتٍ، فإِنه إِذا قَضَى بأَنَّ الأَلف من ياء لتَخْتَلِف الحروف فقد حَصَل بعد ذلك معه لفظ لا نظير له، أَلا ترى أَنه ليس في الكلام حرف فاؤه واو ولامه واو إلاَّ قولنا واو؟ فإِذا كان قضاؤه بأَنَّ الأَلف من ياء لا يخرجه من أَن يكون الحرف فَذًّا لا نظيرَ له، فقضاؤه بأَنَّ العينَ واوٌ أَيضاً ليس بمُنْكَر، ويُعَضِّدُ ذلك أَيضاً شيئان: أَحدهما ما وصَّى به سيبويه من أَنَّ الأَلف إذا كانت في موضع العين فأَنْ تكونَ منقلبةً عن الواو أَكثرُ من أَن تكون منقلبةً عن الياء، والآخر ما حكاه أَبو الحسن من أَنه لم يُسْمَعْ عنهم فيها الإمالةُ، وهذا أَيضاً يؤكِّدُ أَنها من الواو، قال: ولأَبي علي أَن يقولَ مُنْتَصِراً لكَوْنِ الأَلف عن ياء إنَّ الذي ذَهَبْتُ أنا إليه أَسْوَغُ وأَقَلُّ فُحْشاً ممَّا ذهَبَ إليه أَبو الحسنِ، وذلك أَنِّي وإنْ قَضَيْتُ بأَنَّ الفاء واللام واوان، وكان هذا مما لا نظير له، فإني قد رأَيت العرب جعَلَتِ الفاء واللام من لفظ واحد كثيراً، وذلك نحو سَلَسٍ وقَلَقٍ وحِرْحٍ ودَعْدٍ وفَيْفٍ، فهذا وإن لم يكن فيه واو فإِنا وجدنا فاءه ولامه من لفظ واحد. وقالوا أَيضاً في الياء التي هي أُخت الواو: يَدَيْتُ إِليه يداً، ولم نَرَهم جعلوا الفاء واللام جميعاً من موضع واحد لا من واو ولا من غيرها، قال: فقد دخل أَبو الحسن معي في أَن أَعترف بأَنَّ الفاء واللام واوان، إذ لم يجد بُدًّا من الاعتراف بذلك، كما أَجده أَنا، ثم إِنه زاد عَمَّا ذَهَبْنا إِليه جميعاً شيئاً لا نظير له في حَرْف من الكلام البتة، وهو جَعْلُه الفاء والعين واللام من موضع واحد؛ فأَمَّا ما أَنشده أَبو علي من قول هند بنت أَبي سفيان تُرَقِّصُ ابنَها عبدَ الله بنَ الحَرث: لأُنْكِحَنَّ بَبِّهْ جارِيةً خِدَبَّهْ فإِنما بَبِّهْ حكاية الصوت الذي كانت تُرَقِّصُه عليه، وليس باسم، وإِنما هو لَقَبٌ كقَبْ لصوت وَقْع السَّيْف، وطِيخِ للضَّحِك، ودَدِدْ (* قوله« وددد» كذا في الأصل مضبوطاً.) لصوت الشيء يَتَدَحْرَجُ، فإِنما هذه أَصواتٌ ليست تُوزَنُ ولا تُمَثَّلُ بالفعل بمنزلة صَه ومَهْ ونحوهما؛ قال ابن جني: فلأَجْل ما ذكرناه من الاحتجاج لمذهب أَبي علي تَعادَلَ عندنا المَذْهبان أَو قَرُبا من التَّعادُلِ، ولو جَمَعْتَ واواً على أَفعالٍ لقلتَ في قول مَنْ جعل أَلِفَها منقلبةً من واو أَوَّاءٌ، وأَصلها أَوَّاوٌ، فلما وقعت الواو طَرَفاً بعد أَلف زائدة قُلبت ألفا، ثم قلبت تلك الأَلفُ هَمْزةً كما قلنا في أَبْنَاء وأَسْماء وأَعْداء، وإِنْ جَمَعها على أَفْعُلٍ قال في جمعها أَوٍّ، وأَصلها أَوْوُوٌ، فلما وقعت الواوُ طرَفاً مضموماً ما قَبْلَها أَبْدَلَ من الضمة كَسْرةً ومن الواو ياءً، وقال أَوٍّ كأَدْلٍ وأَحْقٍ، ومن كانت أَلفُ واو عنده مِن ياء قال إِذا جمَعَها على أَفْعال أَيَّاءً، وأَصلها عنده أَوْياءٌ، فلما اجتمعت الواو والياء وسَبَقَتِ الواوُ بالسكون قُلبت الواوُ ياء وأُدْغِمت في الياء التي بعدها، فصارت أَيَّاء كما ترى، وإن جمعَها على أَفْعُل قال أَيٍّ وأَصلها أَوْيُوٌ، فلما اجتمعت الواو والياء وسَبَقت الواوُ بالسكون قُلِبت الواو ياء وأُدغمت الأُولى في الثانية فصارت أَيُّوٌ، فلما وقعت الواو طرَفاً مضموماً ما قبلها أُبْدِلت من الضمة كسرة ومن الواو ياء، على ما ذكرناه الآنَ، فصار التقدير أَيْيِيٌ فلما اجتمعَت ثَلاثُ ياءَاتٍ، والوُسْطَى منهن مكسورة، حُذفت الياء الأَخيرة كما حذفت في تَحْقِير أَحْوَى أُحَيٍّ وأَعْيا أُعَيٍّ، فكذلك قلت أَنت أَيضاً أَيٍّ كأَدْلٍ. وحكى ثعلب أَن بعضهم يقول: أَوَّيْتُ واواً حَسَنةً، يجعل الواو الأُولى هَمزةً لاجتماع الواوات. قال ابن جني: وتُبْدَلُ الواو من الباء في القَسَم لأَمْرَيْنِ: أَحدهما مُضارَعَتُها إِياها لفظاً، والآخر مُضارَعَتُها إِيَّاها مَعْنًى، أَما اللفظ فلأنّ الباء من الشفة كما أَنَّ الواو كذلك، وأَما المعنى فلأَنَّ الباء للإِلصاق والواوَ للاجتماع، والشيءُ إِذا لاصَقَ الشيءَ فقد اجتمع معه. قال الكسائي: ما كان من الحُرُوف على ثلاثة أَحْرُفٍ وسَطُه أَلف ففي فِعْلِه لغتان الواو والياء كقولك دَوَّلْت دالاً وقَوَّفْتُ قافاً أَي كَتَبْتها، إِلا الواو فإِنها بالياء لا غير لكثرة الواوات، تقول فيها وَيَّيْتُ واواً حَسَنةً، وغير الكسائي يقول: أَوَّيْتُ أَوْ وَوَّيْتُ، وقال الكسائي: تقول العرب كلِمةٌ مُؤَوَّاةٌ مثل مُعَوّاةٍ أَي مَبْنِيَّةٌ من بناتِ الواو، وقال غيره: كلمة مُوَيَّاةٌ من بنات الواو، وكلمة مُيَوّاةٌ من بنات الياء، وإِذا صَغَّرْتَ الواو قُلتَ أُوَيَّةٌ. ويقال: هذه قصيدة واوِيَّةٌ إِذا كانت على الواو، قال الخليل: وجدْتُ كلَّ واو وياء في الهجاء لا تعتمد على شيء بعدها ترجع في التصريف إِلى الياء نحو يَا وفَا وطَا ونحوه، والله أَعلم. التهذيب: الواو (* قوله« التهذيب الواو إلخ» كذا بالأصل.) معناها في العَطْفِ وغَيْرِه فعل الأَلف مهموزة وساكنة فعل الياء. الجوهري: الواو من حروف العطف تجمع الشيئين ولا تدلُّ على الترتيب، ويدخل عليها أَلف الاستفهام كقوله تعالى: أَوَعَجِبْتُم أَنْ جاءَكم ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكم على رَجُل؛ كما تقول أَفَعَجِبْتُم؛ وقد تكون بمعنى مَعْ لما بينهما من المناسبة لأَن مَع للمصاحبة كقول النبي، صلى الله عليه وسلم: بُعِثْتُ أنا والساعةَ كهاتَيْنِ، وأَشار إِلى السَّبَّابةِ والإِبْهام، أَي مَع الساعةِ؛ قال ابن بري: صوابه وأَشار إِلى السبَّابةِ والوُسْطَى، قال: وكذلك جاء في الحديث؛ وقد تكون الواو للحال كقولهم: قُمْتُ وأَصُكُّ وجْهَه أَي قمتُ صاكًّا وجْهَه، وكقولك: قُمتُ والناسُ قُعودٌ، وقد يُقْسَمُ بها تقول: واللهِ لقد كان كذا، وهو بَدَلٌ من الباء وإِنما أُبْدِل منه لقُربه منه في المَخرج إِذ كان من حروف الشَّفة، ولا يَتجاوَزُ الأَسماءَ المُظْهَرةَ نحو والله وحَياتِك وأَبيك؛ وقد تكون الواو ضمير جماعة المذكَّر في قولك فعَلُوا ويَفْعَلُون وافْعَلُوا؛ وقد تكون الواو زائدة؛ قال الأَصمعي: قلت لأَبي عمرو قولهم رَبَّنا ولكَ الحمدُ فقال: يقول الرجل للرجل بِعْني هذا الثوبَ فيقول وهو لك وأَظنه أَراد هو لك؛ وأَنشد الأَخفش: فإِذا وذلِك، يا كُبَيْشةُ، لَمْ يَكُنْ إِلاَّ كَلَمَّةِ حالِمِ بخَيالِ كأَنه قال: فإِذا ذلك لم يكنْ؛ وقال زهير بن أَبي سُلْمى: قِفْ بالدِّيارِ التي لم يَعْفُها القِدَمُ بَلى، وغَيَّرَها الأَرْواحُ والدِّيَمُ يريد: بلى غَيَّرَها. وقوله تعالى: حتى إِذا جاؤُوها وفُتِحَتْ أَبوابها؛ فقد يجوز أَن تكون الواو هنا زائدة؛ قال ابن بري: ومثل هذا لأَبي كَبير الهُذلي عن الأَخفش أَيضاً: فإِذا وذلِكَ ليسَ إِلاَّ ذِكْرَه، وإِذا مَضى شيءٌ كأَنْ لم يُفْعَلِ قال: وقد ذَكر بعضُ أَهلِ العلم أَنَّ الواوَ زائدةٌ في قوله تعالى: وأَوْحَيْنا إِليه لَتُنَبِّئَنَّهم بأَمرهم هذا؛ لأَنه جواب لَمَّا في قوله: فلمَّا ذَهَبُوا به وأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوه في غَيابَةِ الجُبِّ.التهذيب: الواواتُ لها مَعانٍ مختلفة لكل معنًى منها اسم يُعْرَفُ به: فمنها واوُ الجمع كقولك ضَرَبُوا ويَضْرِبُون وفي الأَسماء المُسْلِمون والصالحون؛ ومنها واو العطف والفرقُ بينها وبين الفاءِ في المعطوف أَو الواو يُعْطَفُ بها جملة على جملةٍ ،لا تدلُّ على الترتيب في تَقْديم المُقَدَّمِ ذِكْرُه على المؤخَّر ذكره، وأَما الفراء فإِنه يُوَصِّلُ بها ما بَعْدَها بالذي قبلها والمُقَدَّمُ هو الأَوَّل، وقال الفراء: إِذا قلتَ زُرْتُ عبدَ اللهِ وزيْداً فأَيَّهُما شئت كان هو المبتدأَ بالزيارة، وإِن قلتَ زُرْتُ عبدَ الله فزَيْداً كان الأَولُ هو الأَولَ والآخِرُ هو الآخِر؛ ومنها واو القَسم تَخْفِضُ ما بَعْدَها، وفي التنزيل العزيز: والطُّورِ وكِتابٍ مَسْطُور؛ فالواو التي في الطُّور هي واو القَسَمِ، والواوُ التي هي في وكتابٍ مسْطورٍ هي واوُ العَطف، أَلا ترى أَنه لو عُطِف بالفاء كان جائزاً والفاء لا يُقْسَم بها كقوله تعالى: والذَّارِياتِ ذَرْواً فالحامِلاتِ وِقْراً؛ غير أَنه إِذا كان بالفاء فهو مُتَّصِلٌ باليمين الأُولى، وإِن كان بالواو فهو شيء آخَرُ أُقْسِمَ به؛ ومنها واوُ الاسْتِنْكارِ، إِذا قلت: جاءَني الحَسَنُ، قال المُسْتَنْكِرُ أَلحَسَنُوهْ، وإِذا قلت: جاءَني عَمرو، قال: أَعْمْرُوهْ، يَمُدُّ بواو والهاء للوقفة؛ ومنها واو الصِّلة في القَوافي كقوله: قِفْ بالدِّيار التي لم يَعْفُها القِدَمُو فَوُصِلَتْ ضَمَّةُ المِيمِ بواو تَمَّ بها وزن البيت؛ ومنها واوُ الإِشْباع مثل قولهم البُرْقُوعُ والمُعْلُوقُ، والعرب تصل الضمة بالواو. وحكى الفراء: أَنْظُور، في موضع أَنْظُر؛ وأَنشد: لَوْ أَنَّ عَمْراً هَمَّ أَن يَرْقُودا فانْهَضْ، فشُدَّ المِئْزَرَ المَعْقُودا أَراد: أَن يَرْقُدَ فأَشْبَعَ الضمةَ ووصَلَها بالواو ونَصَب يَرْقُود على ما يُنْصَبُ به الفعلُ؛ وأَنشد: اللهُ يَعْلَم أَنَّا، في تَلفُّتِنا، يومَ الفِراقِ، إِلى إِخوانِنا، صُورُ وأَنَّني حَيْثُما يَثْني الهَوَى بَصَري، من حَيْثُما سَلَكُوا، أَدْنُو فأَنْظُورُ أَراد: فأَنْظُر؛ ومنها واو التَّعايي كقولك: هذا عمْرُو، فيَسْتَمِدُّ ثم يقولُ مُنْطَلِقٌ، وقد مَضى بعضُ أَخواتِها في ترجمة آ في الأَلِفات، وستأْتي بَقِيَّةُ أَخَواتها في ترجمة يا؛ ومنها مَدُّ الاسم بالنِّداء كقولك أَيا قُورْط، يريد قُرْطاً، فمدّوا ضمة القاف بالواو ليَمْتَدَّ الصَّوتُ بالنداء؛ ومنها الواو المُحَوَّلةُ نحو طُوبى أَصلها طُيْبى فقُلِبت الياء واواً لانضمام الطاءِ قبلها، وهي من طاب يَطيبُ؛ ومنها واو المُوقنين والمُوسِرين أَصلها المُيْقِنين من أَيْقَنْتُ والمُيْسِرين من أَيْسَرْتُ؛ ومنها واوُ الجَزْمِ المُرْسَلِ مثلُ قوله تعالى: ولَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كبيراً؛ فأُسْقِطَ الواو لالتقاء الساكنين لأَن قبْلَها ضَمَّةً تَخْلُفها؛ ومنها جَزْمُ الواو (* قوله« جزم الواو» وعبارة التكملة واو الجزم وهي أنسب.) المنبسط كقوله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ في أَموالكم؛ فلم يُسْقِطِ الواو وحَرّكها لأَن قبلها فتحة لا تكون عِوضاً منها؛ هكذا رواه المنذري عن أَبي طالب النحوي، وقال: إِنما يَسْقُط أَحَدُ الساكنين إِذا كان الأَوّل من الجَزم المُرْسَل واواً قبلها ضمة أَو ياء قبلها كسرة أَو أَلفاً قبلها فتحة، فالأَلف كقولك للاثنين اضْرِبا الرجل، سقطت الأَلف عنه لالتقاء الساكنين لأَن قبلها فتحة، فهي خَلَفٌ منها، وسنذكر الياء في ترجمتها؛ ومنها واواتُ الأَبْنِية مثل الجَوْرَبِ والتَّوْرَبِ للتراب والجَدْوَلِ والحَشْوَرِ وما أَشبهها؛ ومنها واو الهمز في الخط واللفظ، فأَما الخط فقولك: هذِه شاؤُك ونِساؤُك، صُوِّرَتِ الهمزة واواً لضمتها، وأَما اللفظ فقولك: حَمْراوانِ وسَوْداوان، ومثل قولك أُعِيذُ بأَسْماوات الله وأَبْناواتِ سَعْدٍ ومثل السَّمَواتِ وما أَشْبهها؛ ومنها واو النِّداء وَواوُ النُّدْبة، فأَما النِّداء فقولك: وازَيْد، وأَما النُّدبة فكقولك أَو كقول النَّادِبة: وازَيْداهْ والَهْفاهْ واغُرْبَتاهْ ويا زَيداه ومنها واواتُ الحال كقولك: أَتَيْتُه والشمسُ طالِعةٌ أَي في حال طُلُوعها، قال الله تعالى: إِذْ نادى وهوَ مَكْظُوم؛ ومنها واوُ الوَقْتِ كقولك: اعْمَل وأَنتَ صَحِيحٌ أَي في وقْتِ صِحَّتِك، والآنَ وأَنت فارِغٌ، فهذه واوُ الوقت وهي قَريبة من واو الحال؛ ومنها واوُ الصَّرْفِ، قال الفراء: الصَّرْفُ أَنْ تأْتي الواوُ مَعْطُوفةً على كلام في أَوّله حادِثةٌ لا تَسْتَقِيمُ إِعادَتُها على ما عُطِفَ عليها كقوله: لا تَنْهَ عَنْ خُلْقٍ وتَأْتيَ مِثْلَه، عارٌ عَلَيْكَ، إِذا فَعَلْتَ، عَظِيمُ أَلا ترى أَنه لا يجوز إِعادة لا على وتَأْتيَ مِثْلَه، فلذلك سُميَ صَرْفاً إِذْ كان معطوفاً ولم يَسْتَقِم أَن يُعادَ فيه الحادثُ الذي فيما قَبْلَه؛ ومنها الواواتُ التي تدخلُ في الأَجْوِبةِ فتكون جواباً مع الجَوابِ، ولو حُذِفت كان الجوابُ مُكْتَفِياً بنفسه؛ أَنشد الفراء: حتى إِذا قَمِلَتْ بُطُونُكُمُ، ورَأَيْتُمُ أَبْناءَكُمْ شَبُّوا وقَلَبْتُمُ ظَهْرَ المِجَنِّ لنا، إِنَّ اللَّئِيمَ العاجِزُ الخَبُّ أَراد قَلَبْتُم. ومثله في الكلام: لمَّا أَتاني وأَثِبُ عليه، كأَنه قال: وَثَبْتُ عليه، وهذا لا يجوز إِلاَّ مع لَمَّا حتى إِذا (* قوله «حتى إذا» كذا هو في الأصل بدون حرف العطف.) . قال ابن السكيت: قال الأَصمعي قلت لأَبي عَمْرو بن العَلاء رَبَّنا ولكَ الحَمْدُ ما هذه الواوُ؟ فقال: يقول الرَّجُل للرَّجُل بِعْني هذا الثَّوْبَ، فيقول: وهو لك، أَظُنُّه أَراد هُوَ لكَ؛ وقال أَبو كبير الهذلي: فإِذا وذلِكَ ليْسَ إِلاَّ حِينَه، وإِذا مَضَى شيءٌ كأَنْ لم يُفْعَلِ أَراد: فإِذا ذلكَ يعني شَبابَه وما مَضَى مِن أَيّام تَمَتُّعه؛ ومنها واو النِّسبة، روي عن أَبي عَمرو بن العَلاء أَنه كان يقول: يُنْسَبُ إِلى أَخٍ أَخَويٌّ، بفتح الهمزة والخاء وكسر الواو، وإِلى الرِّبا رِبَوِيٌّ، وإِلى أُخْتٍ أُخَويٌّ، بضم الهمزة، وإِلى ابْن بَنَوِيٌّ، وإِلى عالِيةِ الحِجاز عُلْوِيٌّ، وإِلى عَشِيَّة عَشَوِيٌّ، وإِلى أَبٍ أَبَوِيٌّ؛ ومنها الواوُ الدَّائمةُ، وهي كل واوٍ تُلابِسُ الجَزاء ومعناها الدَّوامُ، كقولك: زٌرْني وأَزُورَكَ وأَزُورُكَ، بالنصب والرفع، فالنَّصْبُ على المُجازاةِ، ومَن رفع فمعناه زيارَتَكَ عليَّ واجبةٌ أُدِيمُها لك على كلِّ حالٍ؛ ومنها الواو الفارِقةُ، وهي كلُّ واوٍ دَخَلت في أَحَدِ الحَرْفين المُشْتَبِهين ليُفْرَقَ بينَه وبين المُشْبهِ له في الخَطِّ مثل واوِ أُولئِك وواو أُولو. قال الله عز وجل: غَيْرُ أُولي الضَّرَرِ وغَيْرِ أُولي الإِرْبةِ؛ زيدت فيها الواو في الخط لتَفْرُق بينَها وبينَ ما شاكَلَها في الصُّورةِ مِثْل إِلى وإِلَيْك؛ ومنها واو عَمْرو، فإِنها زيدَتْ لِتَفْرُقَ بينَ عَمْروٍ وعُمَرَ، وزيدتْ في عَمْرٍو دونَ عُمَرَ لأَن عُمَرَ أَثقَلُ من عَمْرٍو؛ وأَنشد ابن السكيت: ثمَّ تَنادَوْا، بينَ تِلْكَ الضَّوْضَى مِنْهُمْ: بِهابٍ وهَلا ويايا نادَى مُنادٍ مِنْهُمُ: أَلا تا، صَوْتَ امْرِئٍ للجُلَّياتِ عَيّا قالُوا جَمِيعاً كُلُّهُم: بَلافا أَي بَلَى فإِنَّا نَفْعَلُ، أَلا تا: يُريد تَفْعَلُ، والله أَعلم. الجوهري: الواوا صَوْتُ ابْن آوَى. وَوَيْكَ: كلمةٌ مِثل وَيْبَ ووَيْحَ، والكافُ للخِطاب؛ قال زيد بن عَمرو بن نُفَيْل ويقال هو لِنُبَيْهِ بن الحجاج السَّهْمِي: وَيْكَ أَنَّ مَنْ يَكُنْ له نَشَبٌ يُحْـ ـبَبْ، ومَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرَّ قال الكسائي: هو وَيْكَ، أُدْخِلَ عليه أَنَّ ومعناه أَلم تَرَ؛ وقال الخليل: هي وَيْ مَفْصُولة ثم تَبتدِئُ فتقول كأَنَّ، والله أَعلم.
جبرائيل, رسول الحياة, انشراح, بهجة, سعادة, طرب, فرح, مسرة, هناءة, أخساء, أدنياء, أرذال, زعران, سقاط, وضعاء, إرتواء, بر, برد, برودة, ترو, زمهرير, شرب, شبع, صر, صرد, قر, قر, نقع, ارتواء, نهل, قر(البرد القارس)الزمهرير, أواخر, أواخر, ارتواء, أوائل, إرتواء, برد, ترو, زمهرير, شرب, شبع, قر, نقع
-
-

الأكثر بحثاً

اعرف أكثر

فهرس المعاجم

Loading...
"اضغط هنا لبرنامج المتدبر على الويب"