على أن ثمّ مسبّحين وعلى هذا تقول: ضرب زيد عمرو. ولمّا أن قلت: ضرب زيد.
دلّ على أنّ له ضاربا فذكرته وأضمرت له فعلا.
[سورة النور (24) : آية 37]
رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (37)
وَإِقامِ الصَّلاةِ ويقال: أقام الصلاة إقامة، والأصل إقوامة فقلبت حركة الواو على القاف فانقلبت الواو ألفا وبعدها ألف وهما ساكنتان فحذفت إحداهما وأثبت الهاء لئلّا تحذفها فيجحف فلما أضفت قام المضاف إليه مقام الهاء فجاز حذفها، فإن لم تضف لم يجز حذفها، ألا ترى أنك تقول: وعد عدة، فلا يجوز حذف الهاء لأنك قد حذفت واوا لأن الأصل وعدة فإن أضفت جاز حذف الهاء، وأنشد الفراء: [البسيط] 307-
إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا ... وأخلفوك عد الأمر الّذي وعدوا «1»
يريد عدة فحذف الهاء لمّا أضاف. يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ قد ذكرناه. وقيل: معناه تتقلّب قلوب الفجّار على النار، وقيل تتقلّب أي تنضج مرّة وتلفحها النار مرة.
[سورة النور (24) : آية 39]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (39)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا ابتداء أَعْمالُهُمْ ابتداء ثان، ويجوز أن يكون بدلا من الذين ويكون الخبر كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً فإن خففت الهمزة قلت الظّمآن.
[سورة النور (24) : آية 40]
أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (40)
ظُلُماتٌ على إضمار مبتدأ ومن قرأ ظلمات «2» جعلها بدلا من ظلمات الأولى، ويقال: «ظلمات» لخفّة الفتحة و «ظلمات» لنقل الضمة.
وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ. تأوّله أبو إسحاق على أنه في الدّنيا أي من لم يجعل الله له هداية إلى الإسلام لم يهتد، وتأوله غيره على أنه في الآخرة أي من لم يجعل الله له نورا في القيامة لم يهتد إلى الجنّة.
__________
(1) الشاهد للفضل بن عباس
وقال العجّاج:
طول الليالى أسرعت فى نقضى ... طوين طولى وطوين عرضى «1»
«وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ» (104) ، و «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» (110) ، أما قوله: «إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً» (16/ 120) أي كان إماما مطيعا، ويقال أنت أمّة فى هذا الأمر، أي يؤتم بك. «وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ» (12/ 45) : بعد قرن، ويقال: «بَعْدَ أُمَّةٍ» أي نسيان، نسيت كذا وكذا: أي أمهت، وأنا آمهه، «2» ويقال: هو ذو أمه.
مكسور الميم، وبعضهم يقول: ذو أمّة بمعنى واحد، أي ذو دين واستقامة
__________
(1) : قد اختلفوا فى عزو هذا الرجز فنسبه بعضهم إلى العجاج وبعضهم إلى الأغلب العجلى. قال البغدادي (الخزانة 4/ 169) : وزعم أبو محمد الأعرابى فى فرحة الأديب أن هذا الرجز ليس للأغلب وإنما هو من شوارد الرجز لا يعرف قائله ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. وهو فى ملحق ديوان العجاج ص 81 والكتاب 7/ 19 والطبري 4/ 23 والأغانى 18/ 164 والشنتمرى 1/ 25 وشواهد المغني 297 والعيني 3/ 395.
(2) «امهت ... آمهه» : روى صاحب اللسان هذا الكلام عن أبى عبيدة (أمه) على الوجه التالي: «أمهت الشيء فأنا آم