قيل: لقد جئت شيئا إمرا ونكرا أي هو في الظاهر منكر حتّى نعلم الحكمة فيه.
شَيْئاً منصوب على أنه مفعول به أي أتيت شيئا، ويجوز أن يكون التقدير: جئت بشيء إمر ثم حذفت الباء فتعدّى الفعل فنصب.
[سورة الكهف (18) : آية 73]
قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (73)
قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ في معناه قولان: أحدهما روي عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال: هذا من معاريض الكلام والآخر أنه نسي فاعتذر ولم ينس في الثانية ولو نسي لاعتذر وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً مفعولان.
[سورة الكهف (18) : آية 74]
فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (74)
فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو «1» وقرأ الكوفيون زَكِيَّةً فزعم أبو عمرو أن زاكية هاهنا أولى لأن الزاكية التي لا ذنب لها: وكان الذي قتله الخضر صلّى الله عليه طفلا، وخالفه في هذا أكثر الناس فقال الكسائي والفراء»
: زاكية واحد، وقال غيرهما: لو كان الأمر على ما قال لكان زكيّة أولى لأن فعيلا أبلغ من فاعل، ولم يصحّ أنّ الذي قتله الخضر كان طفلا بل ظاهر القرآن يدلّ على أنه كان بالغا. يدلّ على ذلك «بغير نفس» فهذا يدلّ على أن قتله بنفسه جائز، وهذا لا يكون لطفل، ولا يقع القود إلا بعد البلوغ نُكْراً الأصل ومن قال «نكرا» حذفت الضمة لثقلها.
[سورة الكهف (18) : آية 76]
قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (76)
قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها أي بعد هذه المسألة قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً أي من قبلي قد عذرتك مدافعتي عن صحبتك، وهذه قراءة «3» أبي عمرو والأعمش وحمزة والكسائي، وقرأ أهل المدينة (من لدني) «4» بتخفيف النون. والقراءة الأولى أولى في العربية وأقيس لأن الأصل «لدن» بإسكان النون ثم تزيد عليها ياء لتضيفها إلى نفسك ثم تزيد نونا ليسلم سكون نون لدن، كما نقول: عنّي ومنّي فكما لا تقول عني يجب ألّا تقول: لدني، والحجّة في جوازه على ما حكي عن محمد بن يزيد أنّ النون حذفت كما قرأ أهل المدينة فَبِمَ تُبَشِّرُونَ [الحجر: 54] بكسر النون. وأحسن من هذا القول ما
_______