86 - {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}
جملة الشرط مستأنفة، جملة «وجدها» جواب الشرط، الظرف «عندها» متعلق بالفعل «وجد» . جملة «قلنا» مستأنفة. قوله «إما أن تعذب» : حرف تخيير، والمصدر المؤول مفعول به أي: اختر: إما تعذيبك لهم وإما اتخاذك، والمصدر الثاني معطوف على الأول. ومفعولا «تتخذ» : «حسنًا» ، ومتعلَّق الجار «فيهم» .
إعراب القرآن للنحاس
السير. وحكى هو والأصمعي أنه يقال: تبعه واتّبعه إذا سار ولم يلحقه وأتبعه إذا لحقته. قال أبو عبيد: ومثله فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ [الشعراء: 60] . قال أبو جعفر:
وهذا التفريق، وإن كان الأصمعي قد حكاه، لا يقبل إلّا بعلّة أو دليل، وقوله عزّ وجلّ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ ليس في الحديث أنه لحقوهم، وإنما الحديث لمّا خرج موسى صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه من البحر وحصل فرعون وأصحابه انطبق عليهم البحر، والحقّ في هذا أنّ تبع واتبع واتّبع لغات بمعنى واحد، وهي بمعنى السير، فقد يجوز أن يكون معه لحاق وأن لا يكون.
[سورة الكهف (18) : الآيات 86 الى 87]
حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (86) قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً (87)
وَجَدَها تَغْرُبُ في موضع الحال فِي عَيْنٍ والحمأة الطين المتغير اللون والرائحة. وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً قال أبو جعفر: قد ذكرنا قول أبي إسحاق أنّ المعنى أنّ الله جلّ وعزّ خيّره بين هذين الحكمين وردّ عليّ بن سليمان عليه قوله جلّ وعزّ خيّره لم يصح أن ذا القرنين نبيّ فيخاطب بهذا، وكيف يقول لربه جلّ وعزّ: ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ وكيف يقول: فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ فيخاطب بالنون. قال: والتقدير: قلنا يا محمد قالوا يا ذا القرنين. قال أبو جعفر: هذا الذي قاله أبو الحسن لا يلزم منه شيء أما قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ فيجوز أن يكون الله جلّ وعزّ خاطبه على لسان نبي في وقته، ويجوز أن يكون قال له هذا كما قال فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً [محمد: 4] ، وأما إشكال فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فإن تقديره أن الله جلّ وعزّ لما خيّره بين القتل في قوله إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وبين الاستبقاء في قوله جلّ وعزّ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً
قالَ لأولئك القوم. أَمَّا مَنْ ظَلَمَ أي أقام على الكفر منكم فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ أي بالقتل ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ أي يوم القيامة فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً أي شديدا.
[سورة الكهف (18) : آية