على السؤال والطلب والأصل اضطرره ثم أدغم ففتح لالتقاء الساكنين لخفّة الفتحة ويجوز الكسر. قال أبو جعفر: وهذه القراءة شاذة ونسق الكلام والتفسير جميعا يدلّان على غيرها، أمّا نسق الكلام فإنّ الله جلّ وعزّ خبّر عن إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً ثم جاء بقوله ولم يفصل بينه بقال، ثم قال فكان هذا جوابا من الله جلّ وعزّ ولم يقل- بعد: - قال إبراهيم. وأما التفسير فقد صحّ عن ابن عباس وسعيد بن جبير «1» ومجاهد ومحمد بن كعب وهذا لفظ ابن عباس دعا إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم لمن آمن دون الناس خاصة فأعلم الله جلّ وعزّ أنه يرزق من كفر كما يرزق من آمن وأنه يمتّعه قليلا ثمّ يضطرّه إلى عذاب النار. قال أبو جعفر: وقال الله جلّ وعزّ: كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ [الإسراء: 20] وقال: وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ [هود: 48] وقال أبو إسحاق: إنما علم إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم أنّ في ذرّيته كفارا فخصّ المؤمنين لأن الله جلّ وعزّ قال له: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة: 124] .
[سورة البقرة (2) : الآيات 127 الى 128]
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)
الْقَواعِدَ الواحدة قاعدة، والواحدة من قوله الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ [النور:
60] ، قاعد، وَإِسْماعِيلُ عطف على إبراهيم، رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا قال الأخفش: الذي قال «ربّنا تقبل منّا» إسماعيل، وغيره يقول: هما جميعا قالا. قال الفراء: وفي قراءة عبد الله ويقولان ربّنا تقبّل منّا وأرنا مناسكنا «2» ويبعد وأرنا «3» بإسكان الراء لأن الأصل:
أرينا، حذفت الياء لأنه أمر وألقيت حركة الهمزة على الراء وحذفت الهمزة فإن حذفت الكسرة كان ذلك إجحافا، وليس هذا مثل فخذ لأن الكسرة في أرنا تدلّ على الهمزة وليست الكسرة في فخذ دالة على شيء، ولكن يجوز حذفها على بعد لأنها مستثقلة كما أنّ الكسرة في فخذ مستثقلة. قال الأخفش: واحد المناسك منسك مثل مسجد ويقال:
منسك. قال أبو جعفر: يقال: نسك ينسك فكان يجب على هذا أن يقال: منسك إلا أنه ليس في كلام العرب مفع