[سورة البقرة (2) : آية 143]
وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (143)
جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً مفعولان. قال القتبي «1» : إنما قيل للخير وسط لأن الغلوّ والتقصير مذمومان، وخير الأمور أوساطها. قال أبو إسحاق: العرب تشبّه القبيلة بالوادي والقاع وخير الوادي وسطه وكذا خير القبيلة وسطها، وقيل: سبيل الجليل والرئيس أن لا يكون طرفا وأن يكون متوسّطا فلهذا قيل للفاضل: وسط. لِتَكُونُوا لام كي أي لأن تكونوا، شُهَداءَ خبر ويكون عطفا. وقرأ الزهري إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ «2» «من» : في موضع رفع على هذه القراءة لأنها اسم ما لم يسمّ فاعله.
وجمع قبلة في التكسير قبل وفي التسليم قبلات، ويجوز أن تبدل من الكسرة فتحة، ويجوز أن تحذف الكسرة. وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً الفراء يذهب إلى أنّ «إن» واللام بمعنى «ما» و «إلّا» ، والبصريون «3» يقولون: هي «إن» الثقيلة خفّفت فصلح الفعل بعدها ولزمتها اللام لئلّا تشبه «إن» التي بمعنى «ما» قال الأخفش: أي وإن كانت القبلة لكبيرة، لَرَؤُفٌ على وزن فعول والكوفيون يقرءون لَرَؤُفٌ «4» ، وحكى الكسائي أن لغة بني أسد لرأف على فعل.
[سورة البقرة (2) : آية 144]
قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)
شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ظرف مكان كما تقول: تلقاءه وجهته، وانتصب الظرف لأنه فضلة بمنزلة المفعول به، وأيضا فإن الفعل واقع فيه.
[سورة البقرة (2) : آية 145]
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْ