215 - {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}
«ما» : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. «ذا» : اسم موصول بمعنى الذي خبره. وجملة «ينفقون» صلة الموصول الاسمي لا محل لها، وجملة «ماذا ينفقون» مفعول ثانٍ للسؤال. قوله «ما أنفقتم من خير» : «ما» اسم شرط مفعول به مقدم، والجار «من خير» متعلق بصفة لـ «ما» . الجار «فللوالدين» متعلق بخبر محذوف لمبتدأ محذوف أي: فمصرفه كائن للوالدين. «وما تفعلوا» : «ما» شرطية جازمة، مفعول به، والجار «من خير» متعلق بصفة لـ «ما» . وجملة «وما تفعلوا» مستأنفة لا محل لها.
باب الفاء. وحجة الكسائي: بأن الفعل إذا تطاول صار بمنزلة المستقبل كلا حجّة، لأنه لم يذكر العلّة في النصب ولو كان الأول مستقبلا لكان السؤال بحاله. ومذهب سيبويه «1» في «حتّى» أن النصب فيما بعدها من جهتين، والرفع من جهتين: تقول:
سرت حتّى أدخلها على أن السير والدخول جميعا قد مضيا أي سرت إلى أن أدخلها.
وهذا غاية وعليه قراءة من قرأ بالنصب، والوجه الآخر في النصب في غير الآية سرت حتى أدخلها أي كي أدخلها، والوجهان في الرفع سرت حتّى أدخلهما أي سرت فأدخلها وقد مضيا جميعا أي كنت سرت فدخلت ولا تعمل حتّى ها هنا بإضمار أن لأن بعدها جملة كما قال الفرزدق: [الطويل] 46-
فيا عجبا حتّى كليب تسبّني ... كأنّ أباها نهشل أو مجاشع «2»
فعلى هذه القراءة بالرفع وهي أبين وأصحّ معنى أي وزلزلوا حتى الرسول يقول أي حتى هذه حاله، لأن القول إنما كان عن الزلزلة غير منقطع منها والنصب على الغاية ليس فيه هذا المعنى، والوجه الآخر في الرفع في غير الآية سرت حتى أدخلها على أن يكون السير قد مضى والدخول الآن، وحكى سيبويه مرض حتّى ما يرجونه ومثله:
سرت حتّى أدخلها لا أمنع. مَتى نَصْرُ اللَّهِ رفع بالابتداء على قول سيبويه وعلى قول أبي العباس رفع بفعله أي متى يقع نصر الله. أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ اسم إنّ وخبرها ويجوز في غير القرآن إن نصر الله قريبا أي مكانا قريبا والقريب لا تثنّيه العرب ولا تجمعه ولا تؤنّثه في هذا المعنى قال عزّ وجلّ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 56] وقال الشاعر: [الطويل] 47-
له الويل إن أمسى ولا أمّ هاشم ... قريب ولا بسباسة ابنة يشكرا «3»
فإن قلت: فلان قريب، ثنّيت وجمعت فقلت: قريبون وأقرباء أو قرباء.
[سورة البقرة (2) : آية 215]
يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)
يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ وإن خفّفت الهمزة ألقيت حركتها على السين ففتحتها وحذفت الهمزة فقلت: يسلونك. ماذا يُنْفِقُونَ «ما» في موضع رفع بالابتداء و «ذا»
__________
(1) انظر الكتاب 3/ 16.
(2) الشاهد للفرزدق في ديوانه 419، وخزانة الأدب 5/ 414، والدرر 4/ 112، وشرح شواهد المغني 1/ 12، وشرح المفصّل 8: 18 ومغني اللبيب 1/ 129، وبلا ن