قال أبو ذرّ «1» : سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أيّما أنزل إليك من القرآن أعظم فقال: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. وقال ابن عباس: أشرف آية في القرآن آية الكرسي. الْحَيُّ الْقَيُّومُ نعت لله عزّ وجلّ، وإن شئت كان بدلا من هو وإن شئت كان خبرا بعد خبر، وإن شئت على إضمار مبتدأ، ويجوز في غير القرآن النصب على المدح. وقد ذكرنا التفسير، والأصل فيه. لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ الأصل وسنة حذفت الواو كما حذفت من يسن ولا نوم الواو للعطف «ولا» توكيد. لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ في موضع رفع بالابتداء أو بالصفة. مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ «من» رفع بالابتداء و «ذا» خبره والذين نعت لذا، وإن شئت بدل، ولا يجوز أن تكون «ذا» زائدة كما زيدت مع «ما» لأن «ما» مبهمة فزيدت «ذا» معها لشبهها بها: يقال: كرسيّ وكرسيّ. ويجوز لا إِكْراهُ فِي الدِّينِ «2» وقرأ أبو عبد الرّحمن قَدْ تَبَيَّنَ الرَّشَدُ مِنَ الْغَيِّ «3» وكذا يروى عن الحسن والشّعبي.
يقال: رشد يرشد رشدا ورشد يرشد رشدا، إذا بلغ ما يحب وغوى ضدّه كما قال:
[الطويل] 56-
ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما «4»
فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ جزم بالشرط والطاغوت مؤنث وقد ذكرنا معناها وما قيل فيها «5» . وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ عطف. فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى جواب. وجمع الوثقى الوثق مثل الفضلى والفضل.
[سورة البقرة (2) : آية 257]
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (257)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا ابتداء. أَوْلِياؤُهُمُ ابتداء ثان وبِالطَّاغُوتِ خبره، والجملة خبر الأول.
[سورة البقرة (2) : آية 258]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)
__________
(1) أبو ذرّ الغفاري: جندب بن جنادة، أحد السابقين الأولين، أسلم في أول