في قوله: فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ و «من» في موضع رفع و «تبع» في موضع جزم بالشرط فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ جوابه، وقال الكسائي في «فلا خوف عليهم» جواب الشرطين جميعا، وقرأ عاصم الجحدري وعيسى وابن أبي إسحاق فمن تبع هديّ «1» قال أبو زيد: هذه لغة هذيل يقولون: هديّ وعصيّ وأنشد النحويون: [الكامل] 18-
سبقوا هويّ وأعنقوا لهواهم ... فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع «2»
قال أبو جعفر: العلّة في هذا عند الخليل وسيبويه «3» وهذا معنى قولهما- أنّ سبيل ياء الإضافة أن يكسر ما قبلها فلما لم يجز أن تتحرك الألف جعل قبلها ياء عوضا من التغيير. وقرأ الحسن وعيسى وابن أبي إسحاق فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ والاختيار عند النحويين الرفع والتنوين لأن الثاني معرفة لا يكون فيه إلّا الرفع فاختاروا في الأول الرفع أيضا ليكون الكلام من وجه واحد.
[سورة البقرة (2) : آية 39]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (39)
وَالَّذِينَ رفع بالابتداء. كَفَرُوا من صلته. وَكَذَّبُوا عطف على كفروا.
بِآياتِنا خفض بالباء. أُولئِكَ مبتدأ. أَصْحابُ النَّارِ خبره والجملة خبر الذين.
وَهُمْ فِيها خالِدُونَ ابتداء وخبر في موضع نصب على الحال.
[سورة البقرة (2) : آية 40]
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)
يا بَنِي نداء مضاف علامة النصب فيه الياء وحذفت منه النون للإضافة، الواحد ابن والأصل فيه بني وقيل فيه بنو ولو لم يحذف منه لقيل بنا كما يقال: عصا فمن قال:
المحذوف منه واو احتجّ بقولهم: البنوّة وهذا لا حجّة فيه لأنهم قد قالوا الفتوّة. قال أبو جعفر: سمعت أبا إسحاق يقول: المحذوف منه عندي ياء كأنه من بنيت.
إِسْرائِيلَ «4» في موضع خفض إلّا أنه لا ينصرف لعجومته ويقال: إسرائل بغير ياء وبهمزة مكسورة ويقال اسراأل بهمزة مفتوحة، وتميم يقولون: اسرائين بالنون.
اذْكُرُوا حذف النون منه لأنه أمر وحذفت الألف لأنها ألف وصل وضممتها في
__________
(1) انظر مختصر ابن خالويه 5، والبحر المحيط 1/ 322.
(2) الشاهد لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 7، وإنباه الرواة 1/ 52، والدرر 5/ 51، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 700، وشرح شواهد المغني 1/ 262، وشرح قطر الندى ص 191، وشرح المفصّل 3/ 33، وكتاب اللامات ص 98، ولسان العر