[سورة الفرقان (25) : الآيات 19 الى 20]
فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (19) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (20)
«فَقَدْ» الفاء الفصيحة قد حرف تحقيق «كَذَّبُوكُمْ» ماض وفاعله ومفعوله والجملة لا محل لها جواب شرط «بِما» ما موصولية متعلقان بكذبوكم «تَقُولُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صلة «فَما» الفاء عاطفة ما نافية «تَسْتَطِيعُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة معطوفة «صَرْفاً» مفعول به «وَلا» الواو عاطفة لا زائدة «نَصْراً» معطوف على صرفا «وَمَنْ» الواو استئنافية من شرطية مبتدأ والجملة مستأنفة «يَظْلِمْ» مضارع فعل الشرط وفاعله مستتر «مِنْكُمْ» متعلقان بمحذوف حال «نُذِقْهُ» مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط والهاء مفعول به وفاعله مستتر والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط لم يقترن بالفاء «عَذاباً» مفعول به «كَبِيراً» صفة «وَما» الواو استئنافية ما نافية «أَرْسَلْنا» ماض وفاعله والجملة مستأنفة «قَبْلَكَ» ظرف زمان متعلق بأرسلنا والكاف مضاف اليه «مِنَ الْمُرْسَلِينَ» متعلقان بأرسلنا «إِلَّا إِنَّهُمْ» أداة حصر وإن واسمها والجملة حالية «لَيَأْكُلُونَ» اللام لام المزحلقة ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر «الطَّعامَ»
مفعول به «وَيَمْشُونَ» معطوف على يأكلون وإعرابه مثله «فِي الْأَسْواقِ» متعلقان بيمشون «وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ» ماض وفاعله ومفعوله الأول والجملة معطوفة والكاف مضاف إليه «لِبَعْضٍ» متعلقان بمحذوف حال «فِتْنَةً» مفعول به ثان «أَتَصْبِرُونَ» الهمزة للاستفهام ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة مستأنفة «وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً» كان واسمها وخبرها والكاف مضاف اليه والجملة مستأنفة.
إعراب القرآن للنحاس
بعينه ثم يقال: ما اتخذت من رجل وليّا، فيكون نفيا عاما، وقولك: وليّا تابع لما قبله فلا يجوز أن يدخل فيه من لأنه لا فائدة في ذلك، وحكى الفراء «1» عن العرب أنهم لا يقولون: ما رأيت عبد الله من رجل، غير أنه أبطل هذا، وترك ما روى عن العرب، وأجاز ذلك من قبل نفسه فقال: ولو أرادوا ما رأيت من رجل عبد الله لجاز إدخال من تتأوّل القلب. قال أبو إسحاق: وهذا خطأ لا يجوز البتّة، وهو كما قال. ثم رجع الفراء فقال: والعرب إنما تدخل من في الأسماء وهذه مناقضة بيّنة وأجاز ذلك الكسائي أيضا، ثم قال: وهو قبيح. وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ أي طالت أعمارهم بعد موت الرسل صلوات الله عليهم فنسوا وهلكوا.
[سورة الفرقان (25) : آية 19]
فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (19)
فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ تأوله أبو عبيد بمعنى فيما يقولون، وقال غيره: هذه مخاطبة للأنبياء صلّى الله عليهم وسلّم فما تستطيعون صرفا ولا نصرا. قيل: فما يستطيعون أن يصرفوا عن أنفسهم العذاب ولا أن ينصر بعضهم بعضا.
[سورة الفرقان (25) : آية 20]
وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (20)
إذا دخلت اللام لم يكن في «إن» إلا الكسر، ولو لم تكن اللام ما جاز أيضا إلا الكسر لأنها مستأنفة. وهذا قول جميع النحويين إلا أنّ علي بن سليمان حكى لنا عن محمد بن يزيد أنه قال: يجوز الفتح في إنّ هذه وإن كان بعدها اللام، وأحسبه وهما منه. قال أبو إسحاق: المعنى: وما أرسلنا قبلك رسلا إلّا أنهم ليأكلون الطعام ثم حذف من لأنّ من تدلّ على المحذوف. وقال الفراء «2» : «من» محذوفة أي إلّا أن منهم من ليأكلون الطّعام، وشبّهه بقوله: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ [الصافات: 164] .
قال أبو إسحاق: هذا خطأ لأنّ من موصولة فلا يجوز حذفها. وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً الفتنة في اللغة الاختبار، وفي الحديث «الغنيّ للفقير فتنة والفقير للغنيّ فتنة والقويّ للضعيف فتنة والضعيف للقويّ فتنة» . والمعنى في هذا أن كلّ واحد منهما مختبر بصاحبه فالغنيّ مختبر بالفقير عليه أن يواسيه ولا يسخر منه، والفقير ممتحن بالغن