الخبر وجاءت المخاطبة خبّر الاثنان عن أنفسهما فقالا «خصمان» . قال أبو إسحاق: أي نحن خصمان، وقال غيره: القول محذوف أي يقول خصمان. قال أبو إسحاق: ولو كان بالنصب خصمين لجاز أي أتيناك خصمين. بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ قال الكسائي: ولو كان بغى بعضهما على بعض لجاز، وقال غيره: بغى بعضنا يجوز أن يراد به داود صلّى الله عليه وسلّم فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وقرأ الحسن وأبو رجاء وَلا تُشْطِطْ «1» بفتح التاء وضم الطاء الأولى، وقال أبو حاتم لا يعرف هذا في اللغة. قال أبو جعفر: يقال أشطّ يشطّ إذا جار في الحكم أو القول، وشطّ يشطّ ويشطّ إذا بعد فيشطط في الآية أبين ويشطط يجوز أي لا تبعد عن الحق، كما قال: [المتقارب] 380-
تشطّ غدا دار جيراننا ... وللدّار بعد غد أبعد «2»
[سورة ص (38) : آية 23]
إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ (23)
وقرأ الحسن تسع وتسعون نعجة «3» بفتح التاء فيها، وهي لغة شاذة وهي الصحيحة من قراءة الحسن. والعرب تكني عن المرأة بالنعجة والشاة. وعن عبد الله بن مسعود رحمه الله أنه قرأ وعازّني في الخطاب «4» .
[سورة ص (38) : آية 24]
قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (24)
قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ فيقال: إن هذه خطيّة داود صلّى الله عليه وسلّم لأنه قال: لقد ظلمك من غير تثبيت بيّنة، ولا إقرار من الخصم ولا سؤال لخصمه هل كان هذا كذا أم لم يكن؟ هذا قول، فأما قول العلماء المتقدّمين الذين لا يدفع قولهم، منهم عبد الله بن مسعود وابن عباس رحمهما الله فإنهم قالوا: ما زاد داود صلّى الله عليه وسلّم على أن قال للرجل: انزل عن امرأتك. قال أبو جعفر: فعاتبه الله جلّ وعزّ على هذا، ونبهه عليه. وليس هذا بكبير من المعاصي، ومن يخطئ إلى غير هذا، فإنما يأتي بما لا يصح عن عالم ويلحقه فيه الإثم العظيم. بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إضافة على المجاز أي بسؤال نعجتك. وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ جمع خليط، وهو الشريك فهذا جمع ما لم يكن في واو، ولا يجوز