لا تجمعوا بينهما فتأكلوهما. إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً «1» وقرأ الحسن حُوباً «2» . قال الأخفش: وهي لغة بني تميم والحوب المصدر وكذا الحيابة والحوب الاسم. وقرأ ابن محيصن ولا تبّدلوا «3» أدغم التاء في التاء وجمع بين ساكنين، وذلك جائز لأن الساكن الأول حرف مدّ ولين، ولا يجوز هذا في قوله ناراً تَلَظَّى [الليل: 14] .
[سورة النساء (4) : آية 3]
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا (3)
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى شرط أي إن خفتم ألّا تعدلوا في مهورهنّ في النفقة عليهن. فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ فدلّ بهذا على أنه لا يقال: نساء إلا لمن بلغ الحلم.
واحد النساء نسوة ولا واحد لنسوة من لفظه ولكن يقال: امرأة. ويقال: كيف جاءت «ما» للآدميين ففي هذا جوابان: قال الفراء «4» : «ما» هاهنا مصدر وهذا بعيد جدّا لا يصحّ فانكحوا الطيبة، وقال البصريون: «ما» تقع للنعوت كما تقع «ما» لما لا يعقل يقال: ما عندك؟ فيقال: ظريف وكريم فالمعنى فانكحوا الطيب من النساء أي الحلال وما حرّمه الله فليس بطيب. مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ في موضع نصب على البدل من «ما» ولا ينصرف عند أكثر البصريين في معرفة ولا نكرة لأن فيه علّتين إحداهما أنه معدول. قال أبو إسحاق:
والأخرى أنه معدول عن مؤنث وقال غيره: العلّة أنّه معدول يؤدّي عن التكرير صحّ أنها لا تكتب وهذا أولى قال الله عزّ وجلّ: أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ [فاطر: 1] فهذا معدول عن مذكّر، وقال الفراء «5» : لم ينصرف لأن فيه معنى الإضافة والألف واللام، وأجاز الكسائي والفراء صرفه في العدد على أنه نكرة، وزعم الأخفش أنه إن سمّي به صرفه في المعرفة والنكرة لأنه قد زال عنه العدل. فَإِنْ خِفْتُمْ في موضع جزم بالشرط أَلَّا تَعْدِلُوا في موضع نصب بخفتم فَواحِدَةً أي فانكحوا واحدة وقرأ الأعرج فَواحِدَةً بالرفع. قال الكسائي: التقدير فواحدة تقنع. أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ عطف على واحدة. ذلِكَ أَدْنى ابتداء وخبره أَلَّا تَعُولُوا في موضع نصب.
[سورة النساء (4) : آية 4]
وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْ