سلام بينهما فزعم أن معنى يصدّ يضجّ ومعنى يصدّ من الصدود عن الحق، وزعم أنها لو كانت يصدّ بالضم لكانت إذا قومك عنه يصدّون. قال أبو جعفر: وفي هذا ردّ على الجماعة الذين قراءتهم حجّة وقد خالف بقوله هذا الكسائي والفراء، والذي ذكره من الحجة ليس بواجب لأنه يقال: صددت من قوله أي لأجل قوله وعلى هذا معنى الآية- والله جلّ وعزّ أعلم- إنّما هو «يصدّون» من أجل ذلك القول، وقد يجوز أن يكون مع ذلك الصدود ضجيج فيقول المفسّر: معناه يضجّون.
[سورة الزخرف (43) : آية 58]
وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)
وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ ابتداء وخبر «أم هو» معطوف على الهتنا ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا مفعول من أجله أي لم يقولوا هذا على جهة المناظرة ولا على جهة التثبت فهذا فرق بين الجدل والمناظرة لأن المتناظرين يجوز أن يكون كل واحد منهما يطلب الصواب والجدل الذي جادلوا به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيما روي عن ابن عباس أنه لمّا أنزل الله جلّ وعزّ: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ [الأنبياء:
98] قالوا: أليس قد عبد عيسى صلّى الله عليه وسلّم وهو عندك رجل صالح فقد جعلته في النار معنا فهذا هو الجدل الذي كان منهم لأن الكلام لا يوجب هذا لأنه قال جلّ وعزّ: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ ولم يقل من تعبدون و «ما» فإنما هي لغير بني أدم. بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ أي كثير والخصومة فيما يدفعون به الحق.
[سورة الزخرف (43) : آية 59]
إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (59)
إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ أي أنعمنا عليه بظهور الآيات على يديه. وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ قال أبو إسحاق: يعني عيسى صلّى الله عليه وسلّم أي يدلّهم على نبوته، وقال غيره وصفناه لبني إسرائيل بأنه مثل لآدم عليه السلام. وقيل: مثل ومثل واحد أي هو بشر مثلهم.
[سورة الزخرف (43) : آية 60]
وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: يقول يخلف بعضهم بعضا. وفي أبي صالح عنه قال: لو نشاء لجعلناهم خلائف وأهلكناهم.
[سورة الزخرف (43) : الآيات 61 الى 62]
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا