سورة الفتح
[سورة الفتح (48) : الآيات 1 الى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (4)
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً (5)
«إِنَّا» إن واسمها «فَتَحْنا» ماض وفاعله «لَكَ» متعلقان بالفعل «فَتْحاً» مفعول مطلق «مُبِيناً» صفة والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية ابتدائية «لِيَغْفِرَ» مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام «لَكَ» متعلقان بالفعل «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعل «ما» مفعول به والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلقان بفتحنا «تَقَدَّمَ» ماض فاعله مستتر والجملة صلة «مِنْ ذَنْبِكَ» متعلقان بمحذوف حال «وَما تَأَخَّرَ» معطوفة على ما تقدم «وَيُتِمَّ» معطوفة على يغفر «نِعْمَتَهُ» مفعول به «عَلَيْكَ» متعلقان بالفعل «وَيَهْدِيَكَ» معطوفة على يغفر والكاف مفعول به أول والفاعل مستتر «صِراطاً» مفعول به ثان «مُسْتَقِيماً» صفة «وَيَنْصُرَكَ» معطوف على ما قبله والكاف مفعول به «اللَّهُ» لفظ الجلالة فاعل «نَصْراً» مفعول مطلق «عَزِيزاً» صفة «هُوَ الَّذِي» مبتدأ وخبره والجملة مستأنفة «أَنْزَلَ السَّكِينَةَ» ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة صلة «فِي قُلُوبِ» متعلقان بالفعل «الْمُؤْمِنِينَ» مضاف إليه «لِيَزْدادُوا» مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل «إِيماناً» تمييز والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلقان بأنزل «مَعَ» ظرف مكان «إِيمانِهِمْ» مضاف إليه «وَلِلَّهِ» حرف استئناف وجار ومجرور خبر مقدم «جُنُودُ» مبتدأ مؤخر «السَّماواتِ» مضاف إليه «وَالْأَرْضِ» معطوف على السموات والجملة مستأنفة «وَكانَ» الواو حالية وماض ناقص «اللَّهُ» لفظ الجلالة اسمها «عَلِي
إعراب القرآن للنحاس
48 شرح إعراب سورة الفتح
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الفتح (48) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1)
الأصل إنّنا حذفت النون لاجتماع النونات. والنون والألف في «إنّا» في موضع نصب، وفي «فتحنا» في موضع رفع وعلامات المضمر تتّفق كثيرا إذا كانت متصلة، والفتح هاهنا فتح الحديبيّة. وقد توهّم قوم أنه فتح مكّة ممّن لا علم لهم بالآثار. وقد صحّ عن ابن عباس والبرآء وسهل بن حنيف أنّهم قالوا: هو فتح الحديبيّة وهو صحيح عن أنس بن مالك كما قرئ على أحمد بن شعيب عن عمرو بن علي قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا شعبة قال: حدّثنا قتادة عن أنس بن مالك إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً قال: الحديبية. وصحّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال عند منصرفه من الحديبيّة «لقد أنزلت عليّ آية هي أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها» ثمّ تلا إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1) «1» الآية فإن قيل:
لم يكن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يحب الدنيا، فكيف قال في هذا الفضل العظيم الخطير أحبّ إليّ من الدنيا؟ وإنما تقول العرب: هذا في الشيء الجليل فيقولون: هو أسخى من حاتم طيّئ، والدنيا لا مقدار لها. وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين مرّ بشاة ميّتة «والله للدّنيا أهون على الله جلّ وعزّ من هذه على أهلها» «2» ففي ذلك غير جواب منها أنّ المعنى لقد أنزلت عليّ آية هي أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها لو كانت لي فأنفقتها في سبيل الله جلّ وعزّ. وقيل: خوطبوا بما يعرفون «فتحا» مصدر «مبينا» من نعته.
[سورة الفتح (48) : آية 2]
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (2)
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ لام كي، والمعنى لأن. قال مجاهد ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ قبل النّبوة. وَما تَأَخَّرَ بعد النبوة، وقال الشعبي مثله إلّا أنه قال: إلى أن مات. وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ
__________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه، الجهاد ب 34 رقم 97، والقرطبي في تفسيره 16/ 259.
(2) أخرجه الترمذي في سننه- الزهد 9/ 198، وابن ماجة في سننه رقم الحديث (4110) .