[سورة القلم (68) : آية 4]
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)
روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس. قال: على دين. قال أبو جعفر: فيكون هذا مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» «1» أي أحسنهم دينا وطريقة ومذهبا وطاعة. وسئلت عائشة رضي الله عنها ما الخلق العظيم الذي كان عليه؟ قالت: القرآن، وقيل: هو ما كان فيه من البشاشة والسعي في قضاء حاجات الناس وإكرامهم والرفق بهم.
[سورة القلم (68) : الآيات 5 الى 6]
فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6)
فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ أي يوم القيامة. قال محمد بن يزيد: سألت أبا عثمان المازني عن هذا فقال: هذا التمام. وقال الأخفش: المعنى: فستبصر ويبصرون بأيكم الفتنة.
وقال محمد بن يزيد: التقدير: بأيّكم فتنة المفتون. وقال الفراء «2» : الباء بمعنى «في» .
قال أبو جعفر: فهذه أقوال النحويين مجموعة. ونذكر أقوال أهل التأويل. روى سفيان عن خصيف عن مجاهد بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ قال: بأيّكم المجنون. وقال الحسن والضحاك: بأيّكم الجنون، وقول قتادة: أيّكم أولى بالشيطان. فهذه ثلاثة أقوال لأهل التأويل. فقول مجاهد تكون الباء فيه بمعنى «في» كما يقال: فلان بمكة وفي مكة والمعنى عليه فستعلم وسيعلمون في أي الفريقين المجنون الذي لا يتّبع الحقّ أفي فريقك أم في فريقهم. وعلى قول «3» الحسن والضحاك فستعلم وسيعلمون بأيكم الفتنة.
والمفتون بمعنى الفتنة والفتون، كما يقال: ليس له معقول ولا معقود رأي. قال أبو جعفر: وهذا من أحسن ما قيل فيه، وقول قتادة أن الباء زائدة.
[سورة القلم (68) : آية 7]
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7)
أي هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله من كفار قريش. وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ بك وبمن اتّبعك.
[سورة القلم (68) : الآيات 8 الى 9]
فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)
معطوف، وليس بجواب ولو كان جوابا حذفت منه النون. روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ قال يقول: لو ترخّص لهم فيرخّصون. والمعنى
__________
(1) أخرجه أبو داود في سننه رقم (4682) ، وأحمد في مسنده 2/ 250، وذكره الحاكم في المستدرك 1/ 3، والهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 303، وابن حجر في المطالب العالية (2541) ، وأبو نعيم في الحلية 9/ 248، والتب