الذي يكون «الذي» الخبر. خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ولو أراد جلّ وعزّ خلقهما في أقلّ الأوقات لفعل ولكنّه علم أن ذلك أصلح ليظهر قدرته للملائكة شيئا بعد شيء.
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ أي يجعله له كالغشاء وهو في موضع نصب على الحال ويجوز أن يكون مستأنفا وكذا يَطْلُبُهُ حَثِيثاً نعت لمصدر محذوف. وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ قال الأخفش: هي معطوفة على السموات أي وخلق الشمس وروي عن عبد الله بن عامر وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ على الابتداء والخبر.
[سورة الأعراف (7) : آية 56]
وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)
اسم «إنّ» وخبرها «فأما قريب» ولم يقل قريبا ففيه ستة أقوال: من أحسنها أنّ الرحمة والرحم واحد وهي بمعنى العفو والغفران كما قال زياد الأعجم: [الكامل] 149-
إنّ السّماحة والمروءة ضمّنا ... قبرا بمرو على الطّريق الواضح «1»
ومذهب الفراء «2» أن قريبا إنما جاء بغير هاء ليفرق بين قريب من النسب وبينه، وقال من احتجّ له: كذا كلام العرب كما قال امرؤ القيس: [الطويل] 150-
له الويل إن أمسى ولا أمّ هاشم ... قريب ولا بسباسة ابنة يشكرا «3»
قال أبو إسحاق: هذا خطأ لأن سبيل المذكر والمؤنّث أن يجريا على أفعالهما ومذهب أبي عبيدة «4» أن تذكير قريب على تذكير المكان. قال علي بن سليمان: هذا خطأ ولو كان كما قال لكان قريب منصوبا في القرآن كما تقول: إنّ زيدا قريبا منك.
قال أبو جعفر: والذي قاله أبو عبيدة قد أجاز سيبويه مثله على بعد كما قال لبيد:
[الكامل] 151-
فغدت كلا الفرجين تحسب أنّه ... مولى المخافة خلفها وأمامها «5»
فهذه ثلاثة أقوال، وقال الأخفش: يجوز أن يذكّر كما يذكّر بعض المؤنّث وأنشد: [المتقارب] 152-
فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها «6»
__________
(1) مرّ الشاهد رقم (20) .
(2) انظر معاني الفراء 1/ 380.
(3) مرّ الشاهد رقم 47.
(4) انظر مجاز القرآن 1/ 216.
(5) الشاهد للبيب بن ربيعة في ديوانه ص 311، والكتاب 1/ 475، وإصلاح المنطق 77، والدرر 3/ 117، وشرح شواهد الإيضاح ص 170، وشرح المفصل 2/ 129، ولسان العرب (أمم) ، و (كلا) ، و (ولي) ، والمقتضب 4/ 341، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 463، ولسان العرب (فرج) . [.