[سورة آل عمران (3) : الآيات 38 الى 39]
هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (38) فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)
«هُنالِكَ» اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية أو المكانية واللام للبعد والكاف للخطاب «دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ» فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة استئنافية «رَبَّهُ» منادى مضاف منصوب. «هَبْ» فعل دعاء فاعله مستتر «لِي» متعلقان بالفعل هب «مِنْ لَدُنْكَ» متعلقان بهب أو بمحذوف حال لذرية «ذُرِّيَّةً» مفعول به «طَيِّبَةً» صفة «إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ» إن واسمها وخبرها والدعاء مضاف إليه والجملة مستأنفة أو تعليلية. «فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ» فعل ماض ومفعول به وفاعل ونادته مبني على الفتحة المقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين والجملة معطوفة. «وَهُوَ قائِمٌ» الواو حالية ومبتدأ وخبر والجملة حالية وجملة «يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ» حالية أو خبر ثان «أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى» أن ولفظ الجلالة اسمها وجملة يبشرك خبر والجار والمجرور متعلقان بيبشرك «مُصَدِّقاً» حال منصوبة «بِكَلِمَةٍ» متعلقان بمصدقا «مِنَ اللَّهِ» لفظ الجلالة مجرور بمن متعلقان بمحذوف صفة لكلمة «وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا» عطف على مصدقا «مِنَ الصَّالِحِينَ» متعلقان بمحذوف صفة «نَبِيًّا» والجملة الاسمية «وَهُوَ قائِمٌ ... » في محل نصب حال وأن واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بنادته والتقدير: نادته ببشارة الله.
[سورة آل عمران (3) : آية 40]
قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (40)
«قالَ» فعل ماض والفاعل هو والجملة مستأنفة «رَبِّ» منادى بأداة نداء محذوفة «أَنَّى» اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب على الحال «يَكُونُ» فعل مضارع تام «لِي» متعلقان بيكون «غُلامٌ» فاعل يكون مرفوع والجملة مقول القول. «وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ» فعل ماض ومفعول به وفاعل وقد حرف تحقيق والجملة في محل نصب حال والجملة الاسمية «وَامْر
إعراب القرآن للنحاس
أي وكفّلها الله زكرياء، وروى هارون بن موسى «1» عن عبد الله بن كثير وأبي عبد الله المدني «2» وكفلها زكريّاء بكسر الفاء. قال الأخفش سعيد: يقال: كفل يكفل وكفل يكفل ولم أسمع كفل وقد ذكرت. قال الفراء «3» : أهل الحجاز يمدّون زكريّاء ويقصرونه، وأهل نجد يحذفون منه الألف ويصرفونه فيقولون: زكريّ. قال الأخفش:
فيه أربع لغات زكرياء بالمدّ وزكريّا بالقصر وزكريّ بتشديد الياء والصرف وزكر ورأيت زكريا. قال أبو حاتم: زكريّ بلا صرف لأنه أعجميّ. وهذا غلط لأن ما كانت فيه ياء مثل هذه انصرف، ولم ينصرف زكريّاء في المدّ والقصر لأن فيه ألف تأنيث والدليل على هذا أنه لا يصرف في النكرة وقال قوم: لم ينصرف لأنه أعجميّ. كُلَّما دَخَلَ منصوب بوجد أي كلّ دخوله أي كلّ وقت دخوله، وإن شئت أملت الألف من حساب لكسرة الحاء.
[سورة آل عمران (3) : آية 38]
هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (38)
هُنالِكَ في موضع نصب لأنه ظرف يتضمّن المكان وأحوال الزمان وهو مبني لأنه بمنزلة ذلك وهنا بمنزلة هذا، وبنو تميم يقولون: هناك بمنزلة هنالك واللام مكسورة لالتقاء الساكنين، ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً على اللفظ.
[سورة آل عمران (3) : آية 39]
فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)
فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وقرأ عبد الله بن مسعود وابن عباس فناداه الملائكة «4» وهو اختيار أبي عبيد وروي عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم كان عبد الله يذكّر الملائكة في كلّ القرآن قال أبو عبيد: أنا اختار ذلك خلافا على المشركين لأنهم قالوا الملائكة بنات الله. قال أبو جعفر: هذا احتجاج لا يحصل منه شيء لأن العرب تقول: قالت الرجال وقال الرجال وكذا النساء وكيف يحتجّ عليهم بالقرآن ولو جاز أن يحتجّ عليهم بهذا لجاز أن يحتجّوا بقوله وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ [آل عمران: 42] ولكن الحجة عليهم في قوله جلّ وعزّ: أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ [الزخرف: 19] أي فلم يشاهدوا خلقهم فكيف يقولون: إنهم إناث فقد علم أنّ هذا ظنّ وهوى، وأما فناداه فهو جائز على تذكير
__________
(1) هارون بن موسى الأعور البصري الأزدي، صدوق، له قراءة معروفة، روى القراءة عن عاصم الجحدري وع