فقال: «ما» بمعنى الذي. قال أبو جعفر: التقدير على قول الخليل للذي آتيتكموه ثم حذف الهاء لطول الاسم فالذي رفع بالابتداء، وخبره مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ و «من» لبيان الجنس وقال الأخفش: هي زائدة ويجوز أن يكون الخبر لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وقال الكسائي: «ما» للشرط فعلى قوله موضعها نصب بآتيتكم وقرأ أهل الكوفة لَما آتَيْتُكُمْ بكسر «1» اللام، وقال الفراء: أي أخذ الميثاق للذي آتاهم من كتاب وحكمة وجعل لنؤمنن به من أخذ الميثاق كما تقول: أخذت ميثاقك لتفعلنّ. قال أبو جعفر:
ولأبي عبيدة في هذا قول حسن، قال: المعنى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتؤمننّ به لما آتيتكم من ذكره في التوراة وقيل: في الكلام حذف والمعنى وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لتعلمنّ الناس لما جاءكم من كتاب وحكمة ولتأخذنّ على الناس أن يؤمنوا ودل على هذا الحذف وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي.
[سورة آل عمران (3) : آية 82]
فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (82)
فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ شرط والمعنى فمن تولى عن الإيمان بعد أخذ الميثاق والجواب فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ.
[سورة آل عمران (3) : آية 83]
أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)
أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ «2» نصبت «غير» يبغون. وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وإن شئت أدغمت الميم في الميم وقد ذكرنا في معناه، قولين: أولهما أن يكون المعنى وله خضع وذلّ من في السموات والأرض كما تقول: أسلم فلان نفسه للموت، فالمعنى أن الله جلّ وعزّ خلق الخلق على ما أراد فمنهم الحسن والقبيح والطويل والقصير والصحيح والمريض وكلهم منقادون اضطرارا فالصحيح منقاد. طائع محبّ لذلك والمريض منقاد خاضع وإن كان كارها وطَوْعاً وَكَرْهاً مصدر في موضع الحال أي طائعين مكرهين.
[سورة آل عمران (3) : آية 84]
قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)
قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ فيه ثلاثة أجوبة يكون قل بمعنى قولوا لأنّ المخاطبة للنبي صلّى الله عليه وسلّم مخاطبة