جعله اسما للقبيلة، وهو اختيار أبي عبيد واستدلّ على أنه اسم قبيلة أن بعده فِي مَسْكَنِهِمْ ولو كان كما كان لكان في مساكنها. آيَةٌ اسم كان أي علامة دالّة على قدرة الله جل وعزّ وانعامه على عباده أنه جعل لأهل سبأ جنتين عن يمين وشمال ومما اجتمع من مطر بين جبلين في وجهه مسنّاة قال يحيى بن سليمان الجعفي: المسنّاة هي التي يسمّيها أهل مصر الجسر فكانوا يفتحونها إذا شاؤوا فإذا رويت جنّتهم سدّوها جَنَّتانِ بدل من الآية ويجوز أن يكون مرفوعا على إضمار مبتدأ، ويجوز أن تنصب «آية» على أنها خبر كان، ويجوز أن تنصب جنتين على الخبر أيضا في غير القرآن.
والتقدير: قيل لهم: كلوا من رزق ربّكم واشكروا له. قال الفراء: تمّ الكلام. بَلْدَةٌ بالرفع على إضمار مبتدأ أي هذه بلدة وَرَبٌّ على إضمار مبتدأ أيضا. غَفُورٌ من نعته. فأما في مساكنهم «1» فهي قراءة الحسن وأبي رجاء وأبي جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأبي عمرو. وقرأ إبراهيم النخعي وحمزة فِي مَسْكَنِهِمْ وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي فِي مَسْكَنِهِمْ «2» بكسر الكاف. قال أبو جعفر: «مساكن» في هذا أبين لأنه يجمع اللفظ والمعنى فإذا قلت: مسكنهم كان فيه تقديران: أحدهما أن يكون واحدا يؤدّي عن جميع، والآخر أن يكون مصدرا لا يثنّى ولا يجمع، كما قال جلّ وعزّ خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ [البقرة: 7] فجاء السمع مفردا، وكذا فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ [القمر: 55] ومن قال: مسكن بكسر الكاف جعله مثل مسجد، وهو خارج عن القياس لا يوجد مثله إلّا سماعا.
[سورة سبإ (34) : آية 16]
فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)
فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ قال عمرو بن شرحبيل: «العرم» المسنّاة، وقال محمد بن يزيد: العرم كلّ حاجز بين شيئين، وهو الذي يسمّى السّكر وهو جمع عرمة وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وقرأ أبو عمرو ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ «3» بغير تنوين مضافا. قال أهل التفسير والخليل رحمه الله: «الخمط» : الأراك وقال محمد بن يزيد: الخمط: كلّ ما تغيّر إلى ما لا يشتهى واللبن خمط إذا حمض. والأولى عنده في القراءة ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ بالتنوين على أنه نعت لأكل أو بدل من