58 - {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ}
المصدر «أن تؤدوا» منصوب على نزع الخافض الباء، وقوله «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا» : الواو عاطفة، «إذا» ظرف مجرد من معنى الشرط، متعلق بـ «يأمركم» والمصدر «أن تحكموا» معطوف على المصدر السابق «أنْ تُؤَدُّوا» أي: يأمركم بتأدية الأمانات وبالحكم بالعدل، فيكون -[182]- قد فصل بين حرف العطف والمعطوف بالظرف، وهذا جائز. وقوله «نعمَّا» : «نعْم» فعل ماض للمدح وأصل العين السكون، فلما وقعت بعدها «ما» وأدغمت ميم نعم فيها كسرت العين لالتقاء الساكنين، «ما» : اسم موصول فاعل «نعم» ، والمخصوص محذوف أي: تأدية الأمانة.
اللفظ، وإن شئت كان رفعا وهو أجود على الموضع وإن شئت على الابتداء، والذين:
غير معرب لأنه لو أعرب لأعرب وسط الاسم، وقيل: لأنه لا يقع إلّا لغائب وفتحت النون لأنه جمع وقيل: لأن قبلها ياء، وقيل: لأنها بمنزلة شيء ضمّ إلى شيء. وفيها لغات فاللغة التي جاء بها القرآن «الذين» في موضع الرفع والخفض والنصب، وبنو كنانة يقولون: الذون في موضع الرفع، ومن العرب من يقول: اللاذون في موضع الرفع والخفض، ومنهم من يقول: اللذيّون. وفي التثنية أربع لغات أيضا: يقال: اللذان بتخفيف النون، واللذانّ بتشديدها يشدّد عوضا مما حذف، وقيل ليفرق بينها وبين ما يحذف في الإضافة، ويقال: اللّذيّان بتشديد الياء، ويقال: اللّذا بغير نون وأنشد سيبويه: [الكامل] 101-
أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا ... قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا «1»
وفي الواحد لغات يقال: جاءني الذي كلّمك، وجاءني اللذ كلمك بكسر الذال بغير ياء، واللّذ بإسكان الذال كما قال:
102-
كاللّذ تزبّى زيبة فاصطيدا «2»
ويقال: الذي بتشديد الياء وطيء تقول: جاءني ذو قال ذاك، بالواو، ورأيت ذو قال ذاك، ومررت بذو قال ذاك، بمعنى الذي. سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ مفعولان، ومذهب سيبويه «3» أنّ التقدير: في جنّات فحذفت «في» . تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ نعت لجنات. خالِدِينَ نعت أيضا لأنه قد عاد الذكر، وإن شئت كان نصبا على الحال.
أَبَداً ظرف زمان.
[سورة النساء (4) : آية 58]
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58)
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ فعل مستقبل وإسكان الراء لحن. أَنْ تُؤَدُّوا في موضع نصب.
والأصل بأن تؤدّوا، والمصدر تأدية. والاسم الأداء وقد ذكرنا نِعِمَّا في «سورة البقرة» «4» .
__________
(1) الشاهد للأخطل في ديوانه ص 387، والأزهيّة 296، والاشتقاق 338، وخزانة الأدب 3/ 185، والدرر 1/ 145، وسرّ صناعة الإعراب 2/ 536، وشرح التصريح 1/ 132، وشرح المفصّل 3/ 154، والمقتضب 4/ 146، وتاج العروس (لذي) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 362، وأوضح المسالك 1/ 140، وخزانة الأدب 8/ 210، ورصف المباني 341، وما ينصرف وما لا ينصرف 84، والمحتسب 1/ 185، والمنصف 1/ 67.
(2) الشاهد بلا نسبة في الكامل 18، والخزانة 2/ 498، وصد