كما كذّبت قريش محمدا صلّى الله عليه وسلّم فليحذروا مثل ما نزل بهم فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ «فكيف» في موضع نصب على خبر كان إلّا أنها مبنية لأن فيها معنى الاستفهام وفتحت لالتقاء الساكنين.
[سورة القمر (54) : آية 19]
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19)
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً أهل التفسير يقولون: الصّرصر الباردة، وقال بعض أهل اللغة: إنما يقال لها صرصر إذا كان لها صوت شديد من قولهم صرّ الشيء إذا صوّت، والأصل صرر فأبدل من إحدى الراءات صاد. فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ قال بعض أهل التفسير: النحس الشديد، ولو كان كما قال لكان يوم منونا ولقيل: نحس ولم يضف.
[سورة القمر (54) : آية 20]
تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20)
تَنْزِعُ النَّاسَ قيل: تنزعهم من الحفر التي كانوا حفروها كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ النخل تذكّر وتؤنّث لغتان جاء بها القرآن وزعم محمد بن جرير «1» أنّ في الكلام حذفا، وأن المعنى تنزع النّاس فتتركهم كأعجاز نخل. قال: فتكون الكاف على هذا في موضع نصب بالفعل المحذوف، وهذا لا يحتاج إلى ما قاله من الحذف. والقول فيه ما قاله أبو إسحاق قال: هو في موضع نصب على الحال أي تنزع الناس أمثال نخل منقعر أي في هذه الحال. قال أبو جعفر: وهذا القول حقيقة الإعراب فإن كان على تساهل المعنى فالمعنى يؤول إلى ما قاله محمد بن جرير. وقد روى محمد بن إسحاق قال: لمّا هاجت الريح قام نفر سبعة من عاد فاصطفوا على باب الشّعب فسدّوا الريح عمّن في الشّعب من العيال، فأقبلت الريح تجيء من تحت واحد واحد ثم تقلعه فتقلبه على رأس فتدقّ عنقه حتّى أهلكت ستّة وبقي واحد يقال له: الخلجان فجاء إلى هود صلّى الله عليه وسلّم، فقال:
ما هؤلاء الذين أراهم كالبخاتي «2» تحت السحاب قال: هؤلاء الملائكة عليهم السلام قال: إن أسلمت فما لي قال: تسلم قال: أيقيدني ربّك من هؤلاء الذين في السحاب؟
قال: ويلك هل رأيت ملكا يقيد من جنده؟ قال: لو فعل ما رضيت قال: فرجع إلى موضعه، وأنشأ يقول: [الراجز] 443-
لم يبق إلّا الخلجان نفسه ... يا شرّ يوم قد دهاني أمسه
«3» ثم لحقه ما لحق أصحابه فصاروا كما قال جلّ وعزّ: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ.
وقال مجاهد في تشبيههم بأعجاز نخل منقعر: لأنه قد بانت أجسادهم من رؤوسهم
__________
(